الذي يلي الكوفة: خل لهم سبيل [طريق] (1) الكوفة، فخلى لهم، وقاتلناهم من [تلك] (1) الوجوه الثلاثة الأخرى إلى الصبح (2)، ثم سرنا وتركناهم، لأنا لم نظفر بهم، فلما سار شبيب سار الجزل في أثره يطلبه، وجعل لا يسير إلا على تعبية وترتيب، ولا ينزل إلا على خندق، وأما شبيب فضرب في أرض جوخى، وترك الجزل، فطال أمره على الحجاج، فكتب إلى الجزل كتابا قرئ على الناس وهو:
أما بعد، فإني بعثتك في فرسان [أهل] (1) المصر ووجوه الناس، وأمرتك باتباع هذه (3 المارقة، وألا تقلع عنها حتى تقتلها وتفنيها 3)، فجعلت (4) التعريس في القرى، والتخييم في الخنادق، أهون عليك من المضي لمناهضتهم ومناجزتهم. [والسلام] (5).
قال: فشق كتاب الحجاج على الجزل، وأرجف الناس بأمره، وقالوا: سيعزله، فما لبث الناس أن بعث الحجاج سعيد بن المجالد أميرا بدله، وعهد إليه: إذا لقى المارقة أن يزحف إليهم، ولا يناظرهم، ولا يطاولهم، ولا يصنع صنع الجزل (6)، وكان الجزل يومئذ قد انتهى في طلب شبيب إلى النهروان، وقد لزم عسكره، وخندق عليهم، فجاء سعيد حتى دخل عسكر أهل الكوفة أميرا، فقام فيهم خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا أهل الكوفة، إنكم قد عجزتم ووهنتم، وأغضبتم عليكم أميركم، أنتم في طلب هذه الأعاريب العجف منذ شهرين، قد أخربوا بلادكم، وكسروا خراجكم، وأنتم