وأتى عدى بدابته فركبها، ومضى على وجهه، واحتوى صالح على عسكره وما فيه، وذهب فل عدى حتى لحقوا بمحمد بن مروان، فغضب، ثم دعا بخالد بن جزء السلمي فبعثه في ألف وخمسمائة، ودعا الحارث بن جعونة في ألف وخمسمائة، وقال لهما: اخرجا إلى هذه الخارجة القليلة الخبيثة، وعجلا [الخروج، وأغذا السير] (1) فأيكما سبق، فهو الأمير على صاحبه، فخرجا وأغذا (2) في السير، وجعلا يسألان عن صالح، فقيل لهما:
توجه نحو آمد (3)، فاتبعاه حتى انتهيا إليه بآمد، فنزلا ليلا، وخندقا وهما متساندان، كل، واحد منهما على حدته، فوجه صالح شبيبا إلى الحارث بن جعونة في شطر أصحابه، وتوجه هو نحو خالد السلمي، فاقتتلوا أشد قتال اقتتله قوم حتى حجز بينهم الليل، وقد انتصف بعضهم من بعض.
فتحدث بعض أصحاب (4) صالح، قال: كنا إذا حملنا عليهم استقبلنا رجالهم بالرماح، ونضحنا (5) رماتهم بالنبل، وخيلهم تطاردنا في خلال ذلك، فانصرفنا عند الليل، وقد كرهناهم وكرهونا، فلما رجعنا وصلينا وتروحنا وأكلنا من الكسر (6)، دعانا صالح وقال: يا أخلائي، ماذا ترون؟ فقال شبيب: إنا إن قاتلنا هؤلاء القوم وهم معتصمون بخندقهم، لم ننل منهم طائلا، والرأي أن نرحل عنهم، فقال صالح: وأنا أرى ذلك، فخرجوا من تحت ليلتهم حتى قطعوا أرض الجزيرة، وأرض الموصل، ومضوا حتى قطعوا أرض الدسكرة. فلما بلغ ذلك الحجاج سرح عليهم الحارث بن عميرة في ثلاثة آلاف،