ثم قدم المهلب على الحجاج، فأجلسه إلى جانبه، وأظهر بره وإكرامه، وقال: يا أهل العراق، أنتم عبيد قن للمهلب، ثم قال: أنت والله كما لقيط (1):
فقلدوا أمركم لله دركم * رحب الذراع بأمر الحرب مضطلعا (2) لا يطعم النوم إلا ريث يبعثه * هم يكاد حشاه يقصم الضلعا (3) لا مترفا إن رخاء العيش ساعده * ولا إذا عض مكروه به خشعا (4) ما زال يحلب هذا الدهر أشطره * يكون متبعا طورا ومتبعا (5) حتى استمرت على شرر مريرته * مستحكم الرأي لا قحما ولا ضرعا (6) وروى أنه قام إليه رجل فقال: أصلح الله الأمير! والله لكأني أسمع الساعة قطريا وهو يقول لأصحابه: المهلب والله كما قال لقيط الأيادي، ثم أنشد هذا الشعر. فسر الحجاج حتى امتلأ سرورا، فقال المهلب: أما والله ما كنا أشد من عدونا ولا أحد، ولكن دمغ الحق الباطل، وقهرت الجماعة الفتنة، والعاقبة للمتقين (7)، وكان ما كرهناه من المطاولة خيرا لنا مما أحببناه من المعاجلة.