شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ٢٢٢
ثم قدم المهلب على الحجاج، فأجلسه إلى جانبه، وأظهر بره وإكرامه، وقال: يا أهل العراق، أنتم عبيد قن للمهلب، ثم قال: أنت والله كما لقيط (1):
فقلدوا أمركم لله دركم * رحب الذراع بأمر الحرب مضطلعا (2) لا يطعم النوم إلا ريث يبعثه * هم يكاد حشاه يقصم الضلعا (3) لا مترفا إن رخاء العيش ساعده * ولا إذا عض مكروه به خشعا (4) ما زال يحلب هذا الدهر أشطره * يكون متبعا طورا ومتبعا (5) حتى استمرت على شرر مريرته * مستحكم الرأي لا قحما ولا ضرعا (6) وروى أنه قام إليه رجل فقال: أصلح الله الأمير! والله لكأني أسمع الساعة قطريا وهو يقول لأصحابه: المهلب والله كما قال لقيط الأيادي، ثم أنشد هذا الشعر. فسر الحجاج حتى امتلأ سرورا، فقال المهلب: أما والله ما كنا أشد من عدونا ولا أحد، ولكن دمغ الحق الباطل، وقهرت الجماعة الفتنة، والعاقبة للمتقين (7)، وكان ما كرهناه من المطاولة خيرا لنا مما أحببناه من المعاجلة.

(1) هو لقيط بن يعمر الأيادي، من قصيدة طويلة، ذكرها ابن الشجري في مختاراته 1 - 6، أنذر فيها قومه من إياد بغز وكسرى، وكان كاتبا في ديوانه، وأولها:
يا دار عمرة من محتلها الجرعا * هاجت لي الهم والأحزان والوجعا تامت فؤادي بذات الجزع خرعبة * مرت تريد بذات العذبة البيعا (2) رحب الذراع: يريد واسع الصدر متباعد ما بين المنكبين، كناية عن قوته وشدة مراسه، ومضطلعا:
أي يحمل الامر ويقوم عليه.
(3) ريث يبعثه، أي مقدار ما يبعثه.
(4) المترف: المتنعم السادر في ملاذه.
(5) يحلب أشطره، أي أنه اختبر ضروب الدهر من خير شر وحلو ومر.
(6) المريرة من الحبال: ما طال واشتد فتله، واستمرت استحكمت، والشزر: الفتل إلى فوق، خلاف اليسر، وهو الفتل إلى أيسر، والأول أحكم الفتلين، ضرب ذلك مثلا لاستجماع قوته. والضرع: الصغير الضعيف، والقحم: آخر سن الشيخ.
(7) الكامل: (للتقوى).
(٢٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232