شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ٢٢٩
الأمير! تبعثني إلى رأس الخوارج [منذ عشرين سنة] (1)، ومعه رجال سموا لي [كانوا يعازوننا] (1)، وإن الرجل منهم خير من مائة فارس في خمسمائة! فقال له: إني أزيدك خمسمائة، فسر إليهم في ألف فارس.
فسار من حران في ألف رجل، وكأنما يساقون إلى الموت - وكان عدى رجلا ناسكا (2) - فلما نزل دوغان (3) نزل بالناس، وأنفذ إلى صالح بن مسرح رجلا دسه إليه فقال: إن عديا بعثني إليك يسألك أن تخرج عن هذا البلد، وتأتي بلدا آخر فتقاتل أهله، فإني للقتال كاره، فقال له صالح: ارجع إليه، فقل له: إن كنت ترى رأينا، فأرنا من ذلك ما نعرف، ثم نحن مدلجون (4) عنك، وإن كنت على رأى الجبابرة، وأئمة السوء، رأينا رأينا، فإما بدأنا بك، وإلا رحلنا إلى غيرك.
فانصرف إليه الرسول، فأبلغه، فقال له عدى: ارجع إليه فقل له: إني والله لا أرى رأيك، ولكني أكره قتالك وقتال غيرك من المسلمين (5).
فقال صالح لأصحابه: اركبوا، فركبوا، واحتبس الرجل عنده، ومضى بأصحابه حتى أتى عديا في سوق دوغان، وهو قائم يصلى الضحى، فلم يشعر إلا بالخيل طالعة عليهم، فلما دنا صالح منهم، رآهم على غير تعبية (6)، وقد تنادوا، وبعضهم يجول في بعض، فأمر شبيبا فحمل عليهم في كتيبة، ثم أمر سويدا فحمل في كتيبة، فكانت هزيمتهم،

(1) من الطبري.
(2) الطبري: (يتنسك).
(3) دوغان: قرية بين رأس عين ونصيبين، كانت سوقا لأهل الجزيرة يجتمع إليها أهلها مرة في كل شهر. (مراصد الاطلاع).
(4) الدلج والدلجة: السير آخر لليل.
(5) في الطبري بعدها: (فقاتل غيري).
(6) عبأ الجيش للحرب تعبئة: هيأه وجهزه، يقال بالهمز وبغير الهمز.
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232