الأمير! تبعثني إلى رأس الخوارج [منذ عشرين سنة] (1)، ومعه رجال سموا لي [كانوا يعازوننا] (1)، وإن الرجل منهم خير من مائة فارس في خمسمائة! فقال له: إني أزيدك خمسمائة، فسر إليهم في ألف فارس.
فسار من حران في ألف رجل، وكأنما يساقون إلى الموت - وكان عدى رجلا ناسكا (2) - فلما نزل دوغان (3) نزل بالناس، وأنفذ إلى صالح بن مسرح رجلا دسه إليه فقال: إن عديا بعثني إليك يسألك أن تخرج عن هذا البلد، وتأتي بلدا آخر فتقاتل أهله، فإني للقتال كاره، فقال له صالح: ارجع إليه، فقل له: إن كنت ترى رأينا، فأرنا من ذلك ما نعرف، ثم نحن مدلجون (4) عنك، وإن كنت على رأى الجبابرة، وأئمة السوء، رأينا رأينا، فإما بدأنا بك، وإلا رحلنا إلى غيرك.
فانصرف إليه الرسول، فأبلغه، فقال له عدى: ارجع إليه فقل له: إني والله لا أرى رأيك، ولكني أكره قتالك وقتال غيرك من المسلمين (5).
فقال صالح لأصحابه: اركبوا، فركبوا، واحتبس الرجل عنده، ومضى بأصحابه حتى أتى عديا في سوق دوغان، وهو قائم يصلى الضحى، فلم يشعر إلا بالخيل طالعة عليهم، فلما دنا صالح منهم، رآهم على غير تعبية (6)، وقد تنادوا، وبعضهم يجول في بعض، فأمر شبيبا فحمل عليهم في كتيبة، ثم أمر سويدا فحمل في كتيبة، فكانت هزيمتهم،