أخادعهم عنه ليغبق دونهم * وأعلم غير الظن إني مغاور كأني وأبدان السلاح عشية * يمر بنا في بطن فيحان طائر (1) فقال له: أتميمي أنت؟ قال: نعم، قال: أحنظلي؟ قال: نعم، قال: أيربوعي؟ قال:
نعم، قال: أمن آل نويرة؟ قال، نعم، أنا ولد مالك بن نويرة، قال: قد عرفتك بالشعر.
قال أبو العباس: وذو الخمار فرس مالك بن نويرة.
قال: فمكثوا أياما يتحاربون (2) ودوابهم مسرجة، ولا خنادق لهم، حتى ضعف الفريقان، فلما كان الليلة التي قتل في صبيحتها عبد ربه، جمع أصحابه، فقال: يا معشر المهاجرين، إن قطريا وعبيدة هربا طلبا للبقاء، ولا سبيل إلى البقاء، فالقوا عدوكم غدا، فإن غلبوكم على الحياة، فلا يغلبنكم على الموت، فتلقوا الرماح بنحوركم، والسيوف بوجوهكم، وهبوا أنفسكم لله في الدنيا يهبها لكم في الآخرة.
فلما أصبحوا، غادوا المهلب، فاقتتلوا قتالا شديدا أنسى ما كان قبله، وقال رجل من الأزد، من أصحاب المهلب: من يبايعني على الموت؟ فبايعه أربعون رجلا من الأزد، فصرع بعضهم، وقتل بعضهم، وجرح بعضهم.