شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ٢١٢
وقال عبد الله بن رزام الحارثي للمهلب: احملوا، فقال المهلب: أعرابي مجنون - وكان من أهل نجران - فحمل وحده، فاخترق القوم حتى خرج من ناحية [أخرى]، ثم كر ثانية ففعل فعلته الأولى، وتهايج الناس، فترجلت الخوارج، وعقروا دوابهم، فناداهم عمرو القنا - ولم يترجل هو ولا أصحابه (2)، وهم زهاء أربعمائة - فقال: موتوا على ظهور دوابكم كراما، ولا تعقروها، فقالوا: إنا إذا كنا على الدواب ذكرنا الفرار، [فاقتتلوا] (3)، ونادى المهلب بأصحابه: الأرض الأرض! وقال لبنيه: تفرقوا في الناس ليروا وجوهكم، ونادت الخوارج: ألا إن العيال لمن غلب، فصبر بنو المهلب (4 وقاتل يزيد بين يدي أبيه قتالا شديدا 4)، أبلى فيه، فقال له أبوه: يا بنى إني أرى موطنا لا ينجو فيه إلا من صبر، وما مر بي يوم مثل هذا منذ مارست الحروب.
وكسرت الخوارج أجفان سيوفها، وتجاولوا، فأجلت جولتهم عن عبد ربه مقتولا.
فهرب عمرو القنا وأصحابه، واستأمن قوم، وأجلت الحرب عن أربعة آلاف قتيل وجريح من الخوارج ومأسور، وأمر المهلب أن يدفع كل جريح إلى عشيرته، وظفر بعسكرهم، فحوى ما فيه، ثم انصرف إلى جيرفت، فقال: الحمد لله الذي ردنا إلى الخفض والدعة، فما كان عيشنا ذلك العيش (5).
ثم نظر المهلب إلى قوم في عسكره ولم يعرفهم، فقال: ما أشد عادة السلاح (6)! ناولني درعي، فلبسها، ثم قال: خذوا هؤلاء، فلما صيرهم إليه، قال: ما أنتم؟ قالوا: جئنا لنطلب غرتك للفتك (7) بك. فأمر بهم فقتلوا.

(1) من الكامل.
(2) الكامل: (هو وأصحابه).
(3) من الكامل.
(4 - 4) الكامل: (وصبر يزيد بين يدي أبيه، وقاتل قتالا شديدا).
(5) الكامل: (فما كان عيشنا بعيش).
(6) وكذا في الكامل، ويرى السيد جاسم أن الأنسب: (ما أشد عادة لبس السلاح).
(7) الكامل: (لنفتك بك).
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232