شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ٢٠٩
فلما عظم الخطب في ذلك (1) الرمح بعث المهلب إلى المغيرة: خل لهم عن الرمح، عليهم لعنة الله! فخلوا لهم عنه، ومضت الخوارج، فنزلت على أربعة فراسخ من جيرفت، فدخلها المهلب، وأمر بجمع ما كان لهم من متاع، وما خلفوه من دقيق، وجثم عليه وهو والثقفي والأمينان، ثم اتبعهم فوجدهم قد نزلوا على ماء وعين لا يشرب منها أحد إلا قوى (2)، يأتي الرجل بالدلو قد شدها في طرف رمحه فيستقي بها، وهناك قرية فيها أهلها، فغاداهم القتال، وضم الثقفي إلى ابنه يزيد، وأحد الأمينين إلى المغيرة، فاقتتل القوم إلى نصف النهار.
وقال المهلب لأبي علقمة العبدي - وكان شجاعا، وكان عاتيا هازلا -: أمددنا يا أبا علقمة بخيل اليحمد، وقل لهم: فليعيرونا جماجمهم ساعة، فقال: أيها الأمير، إن جماجمهم ليست بفخار فتعار، ولا أعناقهم كرادي (3) فتنبت.
وقال: لحبيب بن أوس: كر على القوم، فلم يفعل، وقال:
يقول لي الأمير بغير علم * تقدم حين جد به المراس فمالي إن أطعتك من حياة * ومالي غير هذا الرأس رأس (4) وقال لمعن بن المغيرة بن أبي صفرة: احمل، فقال: لا، إلا أن تزوجني ابنتك أم مالك، فقال: قد زوجتك، فحمل على الخوارج فكشفهم، وطعن فيهم، وقال:
ليت من يشترى الحياة بمال * ملكة كان عندنا فيرانا (5)

(1) الكامل: (فيه).
(2) الكامل: (على عين لا يشرب منها إلا قوى).
(3) في الأصول: (كراث)، وصوابه من الكامل، قال أبو الحسن الأخفش: (تقول العرب لأعذاق النخل كراد، وهو فارسي عرب).
(4) في الكامل: نصب (غير)، لأنه استثناء مقدم.
(5) رواية الكامل:
ليت من يشترى الغداة بمال * هلكه اليوم عندنا فيرانا
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232