أما بعد، فإني كنت حددت لك حدا في [أمر] (1) المهلب، فلما ملكت أمرك، نبذت طاعتي وراءك، واستبددت برأيك، فوليت المهلب الجباية، ووليت أخاك حرب الأزارقة، فقبح الله هذا رأيا! أتبعث غلاما غرا لم يجرب الأمور والحروب للحرب، وتترك سيدا شجاعا مدبرا حازما قد مارس الحروب ففلج (3)، فشغلته بالجباية! أما لو كافأتك على قدر ذنبك لأتاك من نكيري ما لا بقية لك معه! ولكن تذكرت رحمك فكفتني عنك، وقد جعلت عقوبتك عزلك. والسلام.
قال: وولى بشر بن مروان الامارة وهو بالكوفة، وكتب إليه:
أما بعد، فإنك أخو أمير المؤمنين يجمعك وإياه مروان بن الحكم، وإن خالدا لا مجتمع له مع أمير المؤمنين دون أمية، فانظر المهلب بي أبى صفرة، فوله حرب الأزارقة، فإنه سيد بطل مجرب، وامدده من أهل الكوفة بثمانية آلاف رجل، والسلام.
فشق على بشر ما أمره به في المهلب، وقال: والله لأقتلنه، فقال له موسى بن نصير:
أيها الأمير، إن للمهلب حفاظا ووفاء وبلاء.
وخرج بشر بن مروان يريد البصرة، فكتب موسى بن نصير وعكرمة بن ربعي إلى المهلب أن يتلقاه لقاء لا يعرفه به، فتلقاه المهلب على بغل، وسلم عليه في غمار (4) الناس، فلما جلس بشر مجلسه، قال: ما فعل أميركم المهلب؟ قالوا: قد تلقاك أيها الأمير، وهو شاك.
فهم بشر أن يولى حرب الأزارقة عمر بن عبيد الله بن معمر، وشد عزمه أسماء