حاجب المهلب، فدعاني، فجئت إلى المهلب وهو في سطح، وعليه ثياب هروية، فقال:
يا صقعب، أنا ضائع كأني أنظر إلى هزيمة عبد العزيز، وأخشى أن توافيني الأزارقة ولا جند معي، فابعث رجلا من قبلك يأتيني بخبرهم سابقا إلى به، فوجهت رجلا من قبلي يقال يقال له عمران بن فلان، وقلت له: اصحب عسكر عبد العزيز، واكتب إلى بخبر يوم فيوم، فجعلت أورده على المهلب، فلما قاربهم عبد العزيز وقف وقفة، فقال له الناس: هذا منزل، فينبغي أن تنزل فيه أيها الأمير، حتى نطمئن ثم نأخذ أهبتنا، فقال: كلا، الامر قريب، فنزل الناس عن غير أمره، فلم يستتم النزول، حتى ورد عليه سعد الطلائع في خمسمائة فارس، كأنهم خيط ممدود، فناهضهم عبد العزيز فواقفوه ساعة، ثم انهزموا عنه مكيدة، واتبعهم فقال له الناس: لا تتبعهم، فإنا على غير تعبية، فأبى، فلم يزل في آثارهم حتى اقتحموا عقبة، فاقتحمها وراءهم والناس ينهونه ويأبى، وكان قد جعل على بنى تميم عبس بن طلق الصريمي الملقب عبس الطعان، وعلى بكر بن وائل مقاتل بن مسمع، وعلى شرطته رجلا من بنى ضبيعة بن ربيعة بن نزار. فنزلوا عن العقبة، ونزل خلفهم و [كان] (1) لهم في بطن العقبة كمين، فلما صاروا من ورائها، خرج عليهم الكمين، وعطف سعد الطلائع، فترجل عبس بن طلق، فقتل وقتل مقاتل بن مسمع، وقتل الضبيعي، صاحب شرطة عبد العزيز، وانحاز عبد العزيز واتبعهم الخوارج فرسخين يقتلونهم كيف شاءوا، وكان عبد العزيز قد أخرج معه أم حفص بنت المنذر ابن الجارود امرأته، فسبوا النساء يومئذ، وأخذوا أسارى لا تحصى، فقذفوهم في غار بعد أن شدوهم وثاقا، ثم سدوا عليهم بابه، حتى ماتوا فيه.
وقال بعض من حضر ذلك اليوم: رأيت عبد العزيز، وإن ثلاثين رجلا ليضربونه