شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ١٧٢
بأحق بالخندق منك، فعبر دجيلا إلى شق نهر تيرى، واتبعه قطري فصار إلى مدينة نهر تيرى، فبنى سورها، وخندق عليها، فقال المهلب لخالد: خندق على نفسك، فإني لا آمن البيات، فقال: يا أبا سعيد، الامر أعجل من ذاك، فقال المهلب لبعض ولده:
انى أرى أمرا ضائعا، ثم قال لزياد بن عمرو: خندق علينا، فخندق المهلب على نفسه (1)، وأمر بسفنه ففرغت، وأبى خالد أن يفرغ سفنه، فقال المهلب لفيروز حصين، صر معنا، فقال: يا أبا سعيد، إن الحزم ما تقول، غير أنى أكره أن أفارق أصحابي، قال: فكن بقربنا، قال: أما هذه فنعم.
وقد كان عبد الملك كتب إلى بشر بن مروان يأمره أن يمد خالدا بجيش كثيف، أميره عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث: ففعل، فقدم عليه عبد الرحمن، فأقام قطري يغاديهم القتال ويراوحهم أربعين يوما، فقال المهلب لمولى أبى عيينة: سر (2) إلى ذلك الناووس، فبت عليه كل ليلة، فمتى أحسست خبرا للخوارج، أو حركة أو صهيل خيل، فاعجل إلينا.
فجاءه ليلة، فقال: قد تحرك القوم، فجلس المهلب بباب الخندق، وأعد قطري سفنا فيها حطب وأشعلها نارا، وأرسلها على سفن خالد، وخرج في أدبارها حتى خالطهم، لا يمر برجل إلا قتله، ولا بدابة إلا عقرها، ولا بفسطاط إلا هتكه، فأمر المهلب يزيد ابنه، فخرج في مائة فارس. فقاتل، وأبلى عبد الرحمن بن محمد ابن الأشعث يومئذ بلاء حسنا، وخرج فيروز حصين في مواليه، فلم يزل يرميهم بالنشاب هو ومن معه، فأثر أثرا جميلا، وصرع يزيد بن المهلب يومئذ، وصرع عبد الرحمن ابن محمد بن الأشعث، فحامى عنهما أصحابهما حتى ركبا، وسقط فيروز حصين في

(1) كذا في الأصول، وهي ساقطة من الكامل.
(2) كذا في ب، وفي ج: (شد)، وفي الكامل: (انتبذ)، أي سر إليه منفردا. والناووس في الأصل: مقابر النصارى.
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232