وقربوا امرأة أخرى وهم بإزاء القباع، والجسر معقود بينهم، فقطعه القباع وهو في ستة آلاف، والمرأة تستغيث به وهي تقبل، وتقول: علام تقتلونني! فوالله ما فسقت، ولا كفرت، ولا زنيت (1)، والناس يتفلتون إلى القتال، والقباع يمنعهم.
فلما خاف أن يعصوه أمر عند ذاك بقطع الجسر، فأقام بين دبيرى ودباها (2) خمسة أيام، والخوارج بقربه، وهو يقول للناس في كل يوم: إذا لقيتم العدو غدا، فأثبتوا أقدامكم واصبروا، فإن أول الحرب الترامي، ثم إشراع الرماح، ثم السلة (3) فثكلت رجلا أمه فر من الزحف!
فقال بعضهم لما أكثر عليهم: أما الصفة فقد سمعناها، فمتى يقع الفعل؟
وقال الراجز:
إن القباع سار سيرا ملسا (4) * بين دباها ودبيرى خمسا وأخذ الخوارج حاجتهم، وكان شأن القباع التحصن منهم، ثم انصرفوا ورجع إلى الكوفة، وساروا من فورهم إلى أصبهان، فبعث عتاب بن ورقاء الرياحي إلى الزبير بن علي : أنا ابن عمك، ولست أراك تقصد في انصرافك من كل حرب غيري. فبعث إليه الزبير: إن أدنى الفاسقين وأبعدهم في الحق سواء.
فأقام الخوارج يغادون عتاب بن ورقاء القتال ويراوحونه، حتى طال عليهم المقام، ولم يظفروا بكبير شئ فلما كثر عليهم ذلك انصرفوا، لا يمرون بقرية بين أصبهان والأهواز إلا استباحوها، وقتلوا من فيها. وشاور المصعب الناس فيهم، فأجمع رأيهم على