شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ١٦٤
وقربوا امرأة أخرى وهم بإزاء القباع، والجسر معقود بينهم، فقطعه القباع وهو في ستة آلاف، والمرأة تستغيث به وهي تقبل، وتقول: علام تقتلونني! فوالله ما فسقت، ولا كفرت، ولا زنيت (1)، والناس يتفلتون إلى القتال، والقباع يمنعهم.
فلما خاف أن يعصوه أمر عند ذاك بقطع الجسر، فأقام بين دبيرى ودباها (2) خمسة أيام، والخوارج بقربه، وهو يقول للناس في كل يوم: إذا لقيتم العدو غدا، فأثبتوا أقدامكم واصبروا، فإن أول الحرب الترامي، ثم إشراع الرماح، ثم السلة (3) فثكلت رجلا أمه فر من الزحف!
فقال بعضهم لما أكثر عليهم: أما الصفة فقد سمعناها، فمتى يقع الفعل؟
وقال الراجز:
إن القباع سار سيرا ملسا (4) * بين دباها ودبيرى خمسا وأخذ الخوارج حاجتهم، وكان شأن القباع التحصن منهم، ثم انصرفوا ورجع إلى الكوفة، وساروا من فورهم إلى أصبهان، فبعث عتاب بن ورقاء الرياحي إلى الزبير بن علي : أنا ابن عمك، ولست أراك تقصد في انصرافك من كل حرب غيري. فبعث إليه الزبير: إن أدنى الفاسقين وأبعدهم في الحق سواء.
فأقام الخوارج يغادون عتاب بن ورقاء القتال ويراوحونه، حتى طال عليهم المقام، ولم يظفروا بكبير شئ فلما كثر عليهم ذلك انصرفوا، لا يمرون بقرية بين أصبهان والأهواز إلا استباحوها، وقتلوا من فيها. وشاور المصعب الناس فيهم، فأجمع رأيهم على

(1) الكامل: (ارتددت).
(2) دبيرى ودباها، بفتح الدال فيهما: قريتان من نواحي بغداد.
(3) السلة: استلال السيوف.
(4) الملس: السير الشديد.
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232