ابن عبد الله بن الزبير، فمكث قليلا، ثم أعيد مصعب إلى العراق، والخوارج بأطراف أصبهان، والوالي عليها عتاب بن ورقاء الرياحي، فأقام الخوارج هناك يجبون شيئا من القرى، ثم أقبلوا إلى الأهواز من ناحية فارس، فكتب مصعب إلى عمر بن عبيد الله:
ما أنصفتنا! أقمت بفارس تجبى الخراج، ومثل هذا العدو يجتاز بك لا تحاربه! والله لو قاتلت ثم هزمت لكان أعذر لك!
وخرج مصعب من البصرة يريدهم، وأقبل عمر بن عبيد الله يريدهم، فتنحى الخوارج إلى السوس، ثم أتوا إلى المدائن، وبسطوا في القتل، فجعلوا يقتلون النساء والصبيان! حتى أتوا المذار (1)، فقتلوا أحمر طيئ، وكان شجاعا وكان من فرسان عبيد الله بن الحر، وفي ذلك يقول الشاعر:
تركتم فتى الفتيان أحمر طيئ * بساباط لم يعطف عليه خليل (2) ثم خرجوا عامدين إلى الكوفة، فلما خالطوا سوادها - وواليها الحارث القباع - تثاقل عن الخروج، وكان جبانا، فذمره (3) إبراهيم بن الأشتر، ولامه الناس، فخرج متحاملا حتى أتى النخيلة، ففي ذلك يقول الشاعر:
إن القباع سار سيرا نكرا * يسير يوما ويقيم عشرا وجعل يعد الناس بالخروج ولا يخرج، والخوارج يعيثون، حتى أخذوا امرأة، فقتلوا أباها بين يديها، وكانت جميلة، ثم أرادوا قتلها، فقالت: أتقتلون من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين! فقال قائل منهم: دعوها، فقالوا: قد فتنتك، ثم قدموها فقتلوها.