شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ١٦٩
الحارث بن عميرة الليث الذي * يحمى العراق إلى قرى نجران (1) ود الأزارق لو يصاب بطعنة * ويموت من فرسانهم مائتان قال أبو العباس: وخرج مصعب إلى باجميرا، ثم أتى الخوارج خبر مقتله بمسكن، ولم يأت المهلب وأصحابه، فتواقفوا يوما برامهرمز على الخندق، فناداهم الخوارج: ما تقولون في مصعب؟ قالوا: إمام هدى، قالوا: فما تقولون في عبد الملك؟ قالوا: ضال مضل، فلما كان بعد يومين أتى المهلب قتل المصعب، وأن أهل العراق قد اجتمعوا على عبد الملك، وورد عليه كتاب عبد الملك بولايته، فلما تواقفوا ناداهم الخوارج: ما تقولون في المصعب؟ قالوا:
لا نخبركم، قالوا: فما تقولون في عبد الملك؟ قالوا: إمام هدى، قالوا: يا أعداء الله، بالأمس ضال مضل، واليوم إمام هدى! يا عبيد الدنيا عليكم لعنة الله!
* * * وروى أبو الفرج الأصفهاني في كتاب،، الأغاني الكبير،،، قال: (2) كان الشراة والمسلمون في حرب المهلب وقطري يتواقفون ويتساءلون بينهم عن أمر الدين وغير ذلك، على أمان وسكون، لا يهيج بعضهم بعضا، فتواقف يوما عبيدة بن هلال اليشكري، وأبو حزابة (3) التميمي، فقال عبيدة: يا أبا حزابة، إني أسألك عن أشياء، أفتصدقني عنها في الجواب؟ قال: نعم، إن ضمنت لي مثل ذلك، قال: قد فعلت، قال:
فسل عما بدا لك، قال: ما تقولون في أئمتكم؟ قال: يبيحون الدم الحرام، قال: ويحك!
فكيف فعلهم في المال؟ قال: يحبونه من غير حله، وينفقونه في غير وجهه، قال:
فكيف فعلهم في اليتيم؟ قال: يظلمونه ماله، ويمنعونه حقه، وينيكون أمه، قال: ويحك يا أبا حزابة! أمثل هؤلاء تتبع! قال: قد أجبتك، فاسمع سؤالي، ودع عتابي على رأيي،

(1) الديوان: (إلى قرى كرمان).
(2) الأغاني 6: 149 وما بعدها (طبعة الدار).
(3) هو الوليد بن حنيفة أحد شعراء الدولة الأموية.
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»
الفهرست