شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ١٣٩
في قوم نوح، ولا تقوله في قومنا (١)، والله تعالى يقول: (أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر) (٢)، وهؤلاء كمشركي العرب، لا يقبل منهم جزية، وليس بيننا وبينهم إلا السيف أو الاسلام.
وأما استحلال أمانات من خالفنا فإن الله تعالى أحل لنا أموالهم، كما أحل دماءهم لنا، فدماؤهم حلال طلق (٣)، وأموالهم فئ للمسلمين، فاتق الله وراجع نفسك، فإنه لا عذر لك إلا بالتوبة، ولن يسعك خذلاننا والقعود عنا وترك ما نهجناه لك من مقالتنا، والسلام على من أقر بالحق وعمل به (٤).
وكتب إلى من بالبصرة من المحكمة: أما بعد فإن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون. إنكم لتعلمون أن الشريعة واحدة، والدين واحد، ففيم المقام بين أظهر الكفار ترون الظلم ليلا ونهارا، وقد ندبكم الله عز وجل إلى الجهاد، فقال: ﴿وقاتلوا المشركين كافة﴾ (5)، ولم يجعل لكم في التخلف عذرا في حال من الأحوال، فقال:
(انفروا خفافا وثقالا) (6) وإنما عذر الضعفاء والمرضى، والذين لا يجدون ما ينفقون، ومن كانت إقامته لعلة، ثم فضل عليهم مع ذلك المجاهدين فقال: (لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون في سبيل الله) (7)، فلا تغتروا وتطمئنوا إلى الدنيا، فإنها غرارة مكارة، لذتها نافدة، ونعيمها بائد، حفت بالشهوات اغترارا، وأظهرت حبرة (8) وأضمرت عبرة، فليس آكل منها أكلة تسره، ولا شارب منها شربة تؤنقه (9) إلا ودنا بها درجة إلى أجله، وتباعد بها مسافة من أمله، وإنما جعلها الله دار المتزود منها، إلى النعيم المقيم، والعيش السليم، فليس يرضى بها حازم دارا ولا حكيم قرارا، فاتقوا الله وتزودوا

(١) الكامل: ولا نكون نقوله في قومنا).
(٢) سورة ٤٣ (٣) يقال: حل طلق، أي حلال طيب.
(٤) الكامل للمبرد ٦١٣ (طبع أوروبا).
(٥) سورة التوبة ٣٦ (6) سورة التوبة 41 (7) سورة النساء.
(8) الحبرة: النعمة.
(9) تؤنقه: تعجبه.
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232