في قوم نوح، ولا تقوله في قومنا (١)، والله تعالى يقول: (أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر) (٢)، وهؤلاء كمشركي العرب، لا يقبل منهم جزية، وليس بيننا وبينهم إلا السيف أو الاسلام.
وأما استحلال أمانات من خالفنا فإن الله تعالى أحل لنا أموالهم، كما أحل دماءهم لنا، فدماؤهم حلال طلق (٣)، وأموالهم فئ للمسلمين، فاتق الله وراجع نفسك، فإنه لا عذر لك إلا بالتوبة، ولن يسعك خذلاننا والقعود عنا وترك ما نهجناه لك من مقالتنا، والسلام على من أقر بالحق وعمل به (٤).
وكتب إلى من بالبصرة من المحكمة: أما بعد فإن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون. إنكم لتعلمون أن الشريعة واحدة، والدين واحد، ففيم المقام بين أظهر الكفار ترون الظلم ليلا ونهارا، وقد ندبكم الله عز وجل إلى الجهاد، فقال: ﴿وقاتلوا المشركين كافة﴾ (5)، ولم يجعل لكم في التخلف عذرا في حال من الأحوال، فقال:
(انفروا خفافا وثقالا) (6) وإنما عذر الضعفاء والمرضى، والذين لا يجدون ما ينفقون، ومن كانت إقامته لعلة، ثم فضل عليهم مع ذلك المجاهدين فقال: (لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون في سبيل الله) (7)، فلا تغتروا وتطمئنوا إلى الدنيا، فإنها غرارة مكارة، لذتها نافدة، ونعيمها بائد، حفت بالشهوات اغترارا، وأظهرت حبرة (8) وأضمرت عبرة، فليس آكل منها أكلة تسره، ولا شارب منها شربة تؤنقه (9) إلا ودنا بها درجة إلى أجله، وتباعد بها مسافة من أمله، وإنما جعلها الله دار المتزود منها، إلى النعيم المقيم، والعيش السليم، فليس يرضى بها حازم دارا ولا حكيم قرارا، فاتقوا الله وتزودوا