شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ١٤٥
جميع أهل البصرة؟ اجتمعوا إلى في غد لأنظر. وجاء الزبير حتى نزل على البصرة، وعقد الجسر ليعبر إليها، فخرج أكثر أهل البصرة إليه، وانضم إلى الزبير جميع كور الأهواز وأهلها رغبة ورهبة، فوافاه البصريون في السفن وعلى الدواب (1)، فاسودت بهم الأرض، فقال الزبير لما رآهم: أبى قومنا إلا كفرا، وقطع الجسر، وأقام الخوارج بإزائهم، واجتمع الناس عند القباع، وخافوا الخوارج خوفا شديدا، وكانوا ثلاث فرق: سمى قوم المهلب، وسمى قوم مالك بن مسمع، وسمى قوم زياد بن عمرو بن أشرف العتكي، فاختبر القباع ما عند مالك وزياد، فوجدهما متثاقلين عن الحرب، وعاد إليه من أشار بهما، وقالوا: قد رجعنا عن رأينا، ما نرى لها إلا المهلب، فوجه إليه القباع فأتاه، فقال له:
يا أبا سعيد، قد ترى ما قد رهقنا من هذا العدو، وقد أجمع أهل مصرك عليك، وقال له الأحنف: يا أبا سعيد، إنا والله ما آثرناك، ولكنا لم نر من يقوم مقامك.
ثم قال القباع - وأومأ إلى الأحنف -: إن هذا الشيخ لم يسمك إلا إيثارا للدين والبقيا (2) وكل من في مصرك ماد عينه إليك، راج أن يكشف الله عنه هذه الغمة بك، فقال المهلب: لا حول ولا قوة إلا بالله، إني عند نفسي لدون ما وصفتم، ولست آبي ما دعوتم إليه، لكن لي شروطا أشترطها، قالوا: قل، قال: على أن أنتخب من أحببت! قال الأحنف: ذاك لك، قال: ولى إمرة كل بلد أغلب عليه! قالوا: لك ذلك، قال: ولى فئ كل بلد أظفر به!
قال الأحنف: ليس ذاك لك ولا لنا، إنما هو فئ للمسلمين فإن سلبتهم إياه كنت عليهم كعدوهم، ولكن لك أن تعطى أصحابك من فئ كل بلد تغلب عليه ما أحببت، وتنفق منه على محاربة عدوك، فما فضل عنكم كان للمسلمين، فقال المهلب: لا حول ولا قوة إلا بالله! فمن لي بذلك؟ قال الأحنف: نحن وأميرك وجماعة أهل مصرك، قال: قد قبلت.
فكتبوا بينهم بذلك كتابا، ووضع على يدي الصلت بن حريث بن جابر الجعفي، وانتخب المهلب من جميع الأخماس، فبلغت نخبته اثنى عشر ألفا، ونظروا في بيت المال،

(1) في الكامل بعد هذه الكلمة: (ورجالة).
(2) كذا في ج. وفي ا، ب: (التقى)، وهي ساقطة من الكامل.
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232