شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ١٦١
يطمعون في مثلها من المهلب، فقال: أما إنكم لو ناصحتموني مناصحتكم المهلب، لرجوت أن أنفى هذا العدو، ولكنكم تقولون: قرشي حجازي، بعيد الدار خيره لغيرنا، فتقاتلون معي تعذيرا (1). ثم زحف إلى الخوارج من غد ذلك اليوم، فقاتلهم قتالا شديدا، حتى ألجأهم إلى قنطرة، فتكاثف الناس عليها حتى سقطت، فأقام حتى أصلحها (2)، ثم عبر، وتقدم ابنه عبيد الله بن عمر - وأمه من بنى سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب - فقاتلهم حتى قتل، فقال قطري للخوارج: لا تقاتلوا عمر اليوم، فإنه موتور، قد قتلتم ابنه - ولم يعلم عمر بقتل ابنه حتى أفضى إلى القوم، وكان مع ابنه النعمان بن عباد - فصاح به عمر: يا نعمان، أين ابني؟ قال: احتسبه فقد استشهد صابرا مقبلا غير مدبر، فقال:
إنا لله وإنا إليه راجعون! ثم حمل على الخوارج حمله لم ير مثلها، وحمل أصحابه بحملته، فقتلوا في وجههم ذلك تسعين رجلا من الخوارج، وحمل على قطري فضربه على جبينه ففلقه، وانهزمت الخوارج وانتهبها، فلما استقروا ورأي ما نزل بهم، قال: ألم أشر عليكم بالانصراف! فجعلوه حينئذ من (3) وجوههم، حتى خرجوا من فارس، وتلقاهم في ذلك الوقت الفزر بن مهزم العبدي، فسألوه عن خبره، وأرادوا قتله، فأقبل على قطري، وقال:
إني مؤمن مهاجر، فسأله عن أقاويلهم فأجاب إليها، فخلوا عنه، ففي ذلك يقول في كلمة له:
فشدوا وثاقي ثم ألجوا خصومتي * إلى قطري ذي الجبين المفلق وحاججتهم في دينهم فحججتهم * وما دينهم غير الهوى والتخلق ثم رجعوا وتكانفوا (4)، وعادوا إلى ناحية أرجان، فسار إليهم عمر بن عبيد الله، وكتب إلى مصعب:

(1) تعذيرا، أي تقاتلون معي من غير تمام أو مبالغة.
(2) ج: (فأصلحها).
(3) كذا في ب، وفي ا، ج والكامل بحذف كلمة (من).
(4) في زيادات الأخفش على الكامل: (تكانفوا، أعان بعضهم بعضا واجتمعوا وصار بعضهم في كنف بفض).
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232