وبايعه المسلمون بالمدينة إلا محمد بن مسلمة، وعبد الله بن عمر، وأسامة بن زيد، وسعد ابن أبي وقاص، وكعب بن مالك وحسان بن ثابت، وعبد الله بن سلام.
فأمر بإحضار عبد الله بن عمر، فقال له: بايع، قال: لا أبايع حتى يبايع جميع الناس، فقال له عليه السلام: فأعطني حميلا ألا تبرح، قال: ولا أعطيك حميلا، فقال الأشتر: يا أمير المؤمنين؟ إن هذا قد أمن سوطك وسيفك، فدعني أضرب عنقه، فقال: لست أريد ذلك منه على كره، خلوا سبيله، فلما انصرف قال أمير المؤمنين:
لقد كان صغيرا وهو سيئ الخلق، وهو في كبره أسوأ خلقا.
ثم أتى بسعد بن أبي وقاص، فقال له بايع، فقال: يا أبا الحسن خلنى، فإذا لم يبق غيري بايعتك، فوالله لا يأتيك من قبلي أمر تكرهه أبدا، فقال: صدق، خلوا سبيله.
ثم بعث إلى محمد بن مسلمة، فلما أتاه قال له: بايع، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني إذا اختلف الناس وصاروا هكذا - وشبك بين أصابعه - أن أخرج بسيفي فأضرب به عرض أحد فإذا تقطع أتيت منزلي، فكنت فيه لا أبرحه حتى تأتيني يد خاطية، أو منية قاضية. فقال له عليه السلام: فانطلق إذا، فكن كما أمرت به.
ثم بعث إلى أسامة بن زيد، فلما جاء قال له: بايع، فقال: إني مولاك ولا خلاف منى عليك، وستأتيك بيعتي إذا سكن الناس. فأمره بالانصراف، ولم يبعث إلى أحد غيره.
وقيل له: ألا تبعث إلى حسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وعبد الله بن سلام!
فقال: لا حاجة لنا فيمن لا حاجة له فينا.
فأما أصحابنا فإنهم يذكرون في كتبهم أن هؤلاء الرهط إنما اعتذروا بما اعتذروا به.