ومن أباة الضيم ومؤثري الموت على الحياة الذليلة محمد وإبراهيم، ابنا عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام. لما أحاطت عساكر عيسى ابن موسى بمحمد وهو بالمدينة، قيل له: انج بنفسك، فإن لك خيلا مضمرة (1) ونجائب سابقة (2)، فاقعد عليها، والتحق بمكة أو باليمن. قال: إني إذا لعبد! وخرج إلى الحرب يباشرها بنفسه وبمواليه، فلما أمسى تلك الليلة وأيقن بالقتل، أشير عليه بالاستتار، فقال: إذن يستعرض عيسى أهل المدينة بالسيف، فيكون لهم [يوم] كيوم الحرة، لا والله لا أحفظ نفسي بهلاك أهل المدينة، بل أجعل دمى دون دمائهم. فبذل له عيسى الأمان على نفسه وأهله وأمواله، فأبى ونهد (3) إلى الناس بسيفه، لا يقاربه أحد إلا قتله، لا والله ما يبقى شيئا، وإن أشبه خلق الله به فيما ذكر هو حمزة بن عبد المطلب. ورمى بالسهام، ودهمته الخيل، فوقف إلى ناحية جدار، وتحاماه الناس فوجد الموت، فتحامل على سيفه فكسره، فالزيدية تزعم أنه كان سيف رسول الله صلى الله عليه وآله ذا الفقار.
وروى أبو الفرج الأصفهاني في كتاب،، مقال الطالبيين،، أن محمدا عليه السلام، قال لأخته ذلك اليوم: إني في هذا اليوم على قتال هؤلاء، فإن زالت الشمس، وأمطرت السماء فإني مقتول، وإن زالت الشمس ولم تمطر السماء، وهبت الريح، فإني أظفر بالقوم، فأججي التنانير، وهيئي هذه الكتب - يعنى كتب البيعة الواردة عليه من الآفاق - فإن زالت الشمس، ومطرت السماء فاطرحي هذه الكتب في التنانير، فإن قدرتم على بدني