ثم قال: ولا أعلم جنة أي درعا. أوقى منه، أي أشد وقاية وحفظا لان الوفي محفوظ من الله، مشكور بين الناس.
ثم قال: وما يغدر من علم كيف المرجع، أي من علم الآخرة وطوى عليها عقيدته، منعه ذلك أن يغدر، لان الغدر يحبط الايمان.
ثم ذكر أن الناس في هذا الزمان ينسبون أصحاب الغدر إلى الكيس، وهو الفطنة والذكاء، فيقولون لمن يخدع ويغدر، ولأرباب الجريرة والمكر: هؤلاء أذكياء أكياس كما كانوا، يقولون في عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وينسبون أرباب ذلك إلى حسن الحيلة وصحة التدبير.
ثم قال: ما لهم قاتلهم! الله دعاء عليهم.
ثم قال: قد يرى الحول القلب وجه الحيلة، ويمنعه عنها نهى الله تعالى عنها، وتحريمه بعد أن قدر عليها، وأمكنه. والحول القلب: الذي قد تحول وتقلب في الأمور وجرب وحنكته الخطوب والحوادث.
ثم قال: وينتهز فرصتها، أي يبادر إلى افتراصها ويغتنمها. من لا حريجة له في الدين، أي ليس بذي حرج، والتحرج: التأثم. والحريجة: التقوى، وهذه كانت سجيته (ع) وشيمته، ملك أهل الشام الماء عليه، والشريعة بصفين، وأرادوا قتله وقتل أهل العراق، عطشا، فضاربهم على الشريعة حتى ملكها عليهم، وطردهم عنها فقال له أهل العراق: اقتلهم بسيوف العطش، وامنعهم الماء، وخذهم قبضا بالأيدي، فقال: إن في حد السيف لغنى عن ذلك، وإني لا أستحل منعهم الماء. فأفرج لهم عن الماء فوردوه، ثم قاسمهم الشريعة شطرين بينهم وبينه. وكان الأشتر يستأذنه أن يبيت (1) معاوية، فيقول: