عدالته عندنا على سبيل الظن أقوال من يخبرنا عنه بارتكاب القبائح (1) إذا كانوا عدولا، وإن كانت أقوالهم لا تقتضي اليقين، بل يحصل عندها غالب الظن. وكيف لا نرجع عن ولاية من توليناه على الظاهر بوقوع أفعال منه يقتضى ظاهرها خلاف الولاية، ونحن إنما قلنا بعدالته في الأصل على سبيل الظاهر! ومع التجويز لان يكون ما وقع منه في الباطن قبيحا لا يستحق به التولي والتعظيم، ألا ترى أن من شاهدناه يلزم مجالس العلم، ويكرر تلاوة القرآن، ويدمن الصلاة والصيام والحج، يجب أن نتولاه ونعظمه على الظاهر! وإن جوزنا أن يكون جميع ما وقع منه مع خبث باطنه، وأن غرضه في فعله القبيح فلم نتوله إلا على الظاهر. ومع التجويز، فكيف لا نرجع عن ولايته بما يقابل هذه الطريقة! فأما من غاب عنا وتقدمت له أحوال تقتضي الولاية، فيجب أن نستمر على ولايته، وإن جوزنا على الغيبة أن يكون منتقلا عن الأحوال الجميلة التي عهدناها منه، إلا إن هذا تجويز محض لا ظاهر معه يقابل ما تقدم من الظاهر الجميل، وهو بخلاف ما ذكرناه من مقابلة الظاهر للظاهر، وإن كان في كل واحد من الامرين تجويز.
قال: وقد أصاب في قوله: إن ما يحتمل لا ينتقل (2) له عن التعظيم والتولي إن أراد بالاحتمال ما لا ظاهر له، وأما ما له ظاهر ومع ذلك يجوز أن يكون الامر فيه بخلاف ظاهره، فإنه لا يسمى محتملا. وقد يكون مؤثرا فيما ثبت من التولي على الظاهر على ما ذكرناه.
قال: فأما قوله: إن الأحوال المتقررة في النفوس بالعادات فيمن نتولاه تؤثر ما لا يؤثر غيرها، وتقتضي حمل أفعاله على الصحة والتأول له، فلا شك أن ما ذكره مؤثر وطريق قوى إلى غلبه الظن، إلا أنه ليس يقتضى ما يتقرر في نفوسنا لبعض من نتولاه على الظاهر أن نتأول كل ما يشاهد منه من الافعال التي لها ظاهر قبيح، ونحمل الجميع على