شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢ - الصفحة ٣٢٩
عدالته عندنا على سبيل الظن أقوال من يخبرنا عنه بارتكاب القبائح (1) إذا كانوا عدولا، وإن كانت أقوالهم لا تقتضي اليقين، بل يحصل عندها غالب الظن. وكيف لا نرجع عن ولاية من توليناه على الظاهر بوقوع أفعال منه يقتضى ظاهرها خلاف الولاية، ونحن إنما قلنا بعدالته في الأصل على سبيل الظاهر! ومع التجويز لان يكون ما وقع منه في الباطن قبيحا لا يستحق به التولي والتعظيم، ألا ترى أن من شاهدناه يلزم مجالس العلم، ويكرر تلاوة القرآن، ويدمن الصلاة والصيام والحج، يجب أن نتولاه ونعظمه على الظاهر! وإن جوزنا أن يكون جميع ما وقع منه مع خبث باطنه، وأن غرضه في فعله القبيح فلم نتوله إلا على الظاهر. ومع التجويز، فكيف لا نرجع عن ولايته بما يقابل هذه الطريقة! فأما من غاب عنا وتقدمت له أحوال تقتضي الولاية، فيجب أن نستمر على ولايته، وإن جوزنا على الغيبة أن يكون منتقلا عن الأحوال الجميلة التي عهدناها منه، إلا إن هذا تجويز محض لا ظاهر معه يقابل ما تقدم من الظاهر الجميل، وهو بخلاف ما ذكرناه من مقابلة الظاهر للظاهر، وإن كان في كل واحد من الامرين تجويز.
قال: وقد أصاب في قوله: إن ما يحتمل لا ينتقل (2) له عن التعظيم والتولي إن أراد بالاحتمال ما لا ظاهر له، وأما ما له ظاهر ومع ذلك يجوز أن يكون الامر فيه بخلاف ظاهره، فإنه لا يسمى محتملا. وقد يكون مؤثرا فيما ثبت من التولي على الظاهر على ما ذكرناه.
قال: فأما قوله: إن الأحوال المتقررة في النفوس بالعادات فيمن نتولاه تؤثر ما لا يؤثر غيرها، وتقتضي حمل أفعاله على الصحة والتأول له، فلا شك أن ما ذكره مؤثر وطريق قوى إلى غلبه الظن، إلا أنه ليس يقتضى ما يتقرر في نفوسنا لبعض من نتولاه على الظاهر أن نتأول كل ما يشاهد منه من الافعال التي لها ظاهر قبيح، ونحمل الجميع على

(1) الشافي: (قبيح).
(2) الشافي: (لا يجوز أن ينتقل له).
(٣٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بعث معاوية بسر بن أرطاة إلى الحجاز واليمن 3
2 26 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها العرب بما كانوا عليه قبل البعثة وشكواه من انفراده بعدها وذمه لمن بايع بشرط 19
3 حديث السقيفة 21
4 أمر عمرو بن العاص 61
5 27 - من خطبة له عليه السلام في الحث على الجهاد وذم المتقاعدين 74
6 استطراد بذكر كلام لابن نباتة في الجهاد 80
7 غارة سفيان بن عوف الغامدي على الأنبار 85
8 28 - ومن خطبة له عليه السلام في إدبار الدنيا وإقبال الآخرة والحث على التزود لها 91
9 نبذ من أقوال الصالحين والحكماء 93
10 استطراد بلاغي في الكلام على المقابلة 103
11 29 - من خطبة له عليه السلام في ذم المتخاذلين 111
12 غارة الضحاك بن قيس ونتف من أخباره 113
13 30 - من خطبة له عليه السلام في معني قتل عثمان رضي الله عنه 126
14 اضطراب الأمر على عثمان ثم أخبار مقتله 129
15 31 - من كلام له عليه السلام لما أنفذ عبد الله بن عباس إلى الزبير قبل وقوع الحرب يوم الجمل ليستفيئه إلى طاعته 162
16 من أخبار الزبير وابنه عبد الله 166
17 استطراد بلاغي في الكلام على الاستدراج 170
18 32 - من خطبة له عليه السلام في ذم الدهر وحال الناس فيه 174
19 فصل في ذكر الآيات والأخبار الواردة في ذم الرياء والشهرة 178
20 فصل في مدح الخمول والجنوح إلى العزلة 182
21 33 - ومن خطبة له عليه السلام عند مسيره لقتال أهل البصرة 185
22 من أخبار يوم ذي قار 187
23 34 - من خطبة له عليه السلام في استنفار الناس إلى أهل الشام 189
24 أمر الناس بعد وقعة النهروان 193
25 مناقب علي وذكر طرف من أخباره في عدله وزهده 197
26 35 - من خطبة له عليه السلام بعد التحكيم 204
27 قصة التحكيم ثم ظهور أمر الخوارج 206
28 36 - ومن خطبة له عليه السلام في تخويف أهل النهروان 265
29 أخبار الخوارج 265
30 37 - ومن كلام له عليه السلام يجرى مجرى الخطبة يذكر ثباته في الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر 284
31 الأخبار الواردة عن معرفة الإمام على بالأمور الغيبية 286
32 38 - من خطبة له عليه السلام في معني الشبهة 298
33 39 - من خطبة له عليه السلام في ذم المتقاعدين عن القتال 300
34 أمر النعمان بن بشير مع علي ومالك الأرحبي 301
35 40 - ومن كلام له عليه السلام للخوارج لما سمع قولهم: " لا حكم إلا لله " 307
36 اختلاف الرأي في القول بوجوب الإمامة 310
37 من أخبار الخوارج أيضا 310
38 41 - ومن خطبة له عليه السلام في مدح الوفاء وذم الغدر 312
39 42 - ومن خطبة له عليه السلام يحذر فيها اتباع الهوى وطول الأمل 318
40 43 - ومن خطبة له عليه السلام وقد أشار عليه أصحابه بالاستعداد لحرب أهل الشام بعد إرساله إلى معاوية بجرير بن عبد الله البجلي 322
41 ذكر ما أورد القاضي عبد الجبار من دفع ما تعلق به الناس على عثمان من الأحداث 324
42 رد المرتضى على ما أورده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان. 328