ومن الاخبار النبوية المرفوعة في ذم الغدر: (ذمة المسلمين واحدة، فإن أجارت عليهم أمة منهم، فلا تخفروا جوارها، فإن لكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة (1).) وروى أبو هريرة، قال: مر رسول الله (ص) برجل يبيع طعاما فسأله:
كيف تبيع؟ فأخبره، فأمر أبا هريرة أن يدخل فيه يده، فأدخلها فإذا هو مبلول، فقال رسول الله (ص): ليس منا من غش قال بعض الملوك لرسول ورد إليه من ملك آخر: أطلعني على سر صاحبك، فقال:
أيها الملك، إنا لا نستحسن الغدر، وإنه لو حول ثواب الوفاء إليه لما كان فيه عوض من قبحه، ولكان سماجة اسمه، وبشاعة ذكره، ناهيين عنه.
مالك بن دينار: كفى بالمرء خيانة أن يكون أمينا للخونة.
وقع جعفر بن يحيى على ظهر كتاب كتبه علي بن عيسى بن ماهان إلى الرشيد، يسعى (2) فيه بالبرامكة، فدفعه الرشيد إلى جعفر، يمن به عليه، وقال: أجبه عنه، فكتب في ظاهره: حبب الله إليك الوفاء يا أخي فقد أبغضته، وبغض إليك الغدر فقد أحببته، إني نظرت إلى الأشياء حتى أجد لك فيها مشبها فلم أجد، فرجعت إليك، فشبهتك بك، ولقد بلغ من حسن ظنك بالأيام أن أملت السلامة مع البغي، وليس هذا من عاداتها. والسلام.
كان العهد في عيسى بن موسى بن محمد بعد المنصور بكتاب كتبه السفاح، فلما طالت أيام المنصور، سامه أن يخلع نفسه من العهد، ويقدم محمدا المهدى عليه، فكتب إليه عيسى:
بدت لي أمارات من الغدر شمتها * أرى ما بدا منها سيمطركم دما