إنك تؤخذ بعدي وتصلب، فإذا كان اليوم الثاني ابتدر منخراك وفمك دما، حتى تخضب لحيتك، فإذا كان اليوم الثالث طعنت بحربة يقضى عليك، فانتظر ذلك.
والموضع الذي تصلب فيه على باب دار عمرو بن حريث، إنك لعاشر عشره أنت أقصرهم خشبه، وأقربهم من المطهرة يعنى الأرض ولأرينك النخلة التي تصلب على جذعها، ثم أراه إياها بعد ذلك بيومين، وكان ميثم يأتيها، فيصلى عندها، ويقول: بوركت من نخله، لك خلقت، ولى نبت، فلم يزل يتعاهدها بعد قتل علي (ع)، حتى قطعت، فكان يرصد جذعها، ويتعاهده ويتردد إليه، ويبصره، وكان يلقى عمرو بن حريث، فيقول له: إني مجاورك فأحسن جواري، فلا يعلم عمرو ما يريد، فيقول له: أتريد أن تشترى دار ابن مسعود، أم دار ابن حكيم؟.
قال: وحج في السنة التي قتل فيها، فدخل على أم سلمة رضي الله عنها، فقالت له:
من أنت؟ قال: عراقي، فاستنسبته، فذكر لها أنه مولى علي بن أبي طالب، فقالت:
أنت هيثم، قال: بل أنا ميثم، فقالت: سبحان الله! والله لربما سمعت رسول الله (ص) يوصى بك عليا في جوف الليل، فسألها عن الحسين بن علي، فقالت: هو في حائط (1) له، قال: أخبريه أنى قد أحببت السلام عليه، ونحن ملتقون عند رب العالمين، إن شاء الله، ولا أقدر اليوم على لقائه، وأريد الرجوع، فدعت بطيب فطيبت لحيته، فقال لها: أما إنها ستخضب بدم، فقالت: من أنباك هذا؟ قال: أنبأني سيدي، فبكت أم سلمة، وقالت له: إنه ليس بسيدك وحدك، هو سيدي وسيد المسلمين، ثم ودعته.