فقدم الكوفة، فأخذ وأدخل على عبيد الله بن زياد. وقيل له: هذا كان من آثر الناس عند أبي تراب، قال: ويحكم هذا الأعجمي! قالوا: نعم، فقال له عبيد الله:
أين ربك؟ قال: بالمرصاد، قال: قد بلغني اختصاص لابن أبي تراب لك، قال: قد كان بعض ذلك، فما تريد؟ قال: وإنه ليقال إنه قد أخبرك بما سيلقاك، قال نعم، إنه أخبرني، (1 قال: ما الذي أخبرك أنى صانع بك 1)؟ قال: أخبرني أنك تصلبني عاشر عشرة وأنا أقصرهم خشبة، وأقربهم من المطهرة، قال: لأخالفنه، قال: ويحك! كيف تخالفه، إنما أخبر عن رسول الله (ص)، وأخبر رسول الله عن جبرائيل، وأخبر جبرائيل عن الله، فكيف تخالف هؤلاء! أما والله لقد عرفت الموضع الذي أصلب فيه أين هو من الكوفة؟ وإني لأول خلق الله ألجم في الاسلام بلجام، كما يلجم الخيل. فحبسه وحبس معه المختار بن أبي عبيدة الثقفي، فقال ميثم للمختار وهما في حبس ابن زياد: إنك تفلت وتخرج ثائرا بدم الحسين (ع) فتقتل هذا الجبار الذي نحن في سجنه (2)، وتطأ بقدمك هذا على جبهته وخديه. فلما دعا عبيد الله بن زياد بالمختار ليقتله طلع البريد بكتاب يزيد بن معاوية إلى عبيد الله بن زياد، يأمره بتخلية سبيله، وذاك أن أخته كانت تحت عبد الله بن عمر بن الخطاب، فسألت بعلها أن يشفع فيه إلى يزيد فشفع فأمضى شفاعته، وكتب بتخلية سبيل المختار على البريد، فوافى البريد، وقد أخرج ليضرب عنقه، فأطلق. وأما ميثم فأخرج بعده ليصلب. وقال عبيد الله: لأمضين حكم لابن أبي تراب فيه، فلقيه رجل، فقال له: ما كان أغناك عن هذا يا ميثم؟ فتبسم، وقال: لها خلقت، ولى غذيت، فلما رفع على الخشبة اجتمع الناس حوله على باب عمرو بن حريث، فقال عمرو: لقد كان يقول لي: إني مجاورك، فكان يأمر جاريته كل عشية أن تكنس تحت خشبته وترشه، وتجمر بالمجمر تحته، فجعل ميثم يحدث بفضائل بني هاشم، ومخازي