قال أبو العباس: ونحو ذلك أن واصل بن عطاء رحمه الله تعالى أقبل في رفقة فأحسوا بالخوارج، فقال واصل لأهل الرفقة: إن هذا ليس من شأنكم، فاعتزلوا ودعوني وإياهم، وكانوا قد أشرفوا على العطب، فقالوا: شأنك، فخرج إليهم، فقالوا: ما أنت وأصحابك؟ فقال: قوم مشركون مستجيرون بكم، ليسمعوا كلام الله، ويفهموا حدوده، قالوا: قد أجرناكم، قال: فعلمونا، فجعلوا يعلمونهم أحكامهم، ويقول واصل: قد قبلت أنا ومن معي، قالوا: فامضوا مصاحبين فقد صرتم (1) إخواننا، فقال: بل تبلغوننا مأمننا، لان الله تعالى يقول: وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه (2)، قال: فينظر (3) بعضهم إلى بعض، ثم قالوا:
ذاك لكم، فساروا معهم بجمعهم حتى أبلغوهم المأمن (4).
قال أبو العباس: ولقيهم عبد الله بن خباب في عنقه مصحف، على حمار، ومعه امرأته وهي حامل فقالوا له: إن هذا الذي في عنقك ليأمرنا بقتلك، فقال لهم: ما أحياه القرآن فأحيوه وما أماته فأميتوه، فوثب رجل منهم على رطبة سقطت من نخلة فوضعها في فيه، فصاحوا به، فلفظها تورعا. وعرض لرجل منهم خنزير فضربه فقتله، فقالوا:
هذا فساد في الأرض، وأنكروا قتل الخنزير، ثم قالوا لابن خباب: حدثنا عن أبيك، فقال: إني سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله (ص) يقول: ستكون بعدي فتنة