الحديث لتحفظه، ثم قال له في آخر ما حدثه إياه: يا جويرية، أحبب حبيبنا ما أحبنا، فإذا أبغضنا فابغضه، وابغض بغيضنا ما أبغضنا، فإذا أحبنا فأحبه.
قال: فكان ناس ممن يشك في أمر علي (ع) يقولون: أتراه جعل جويرية وصيه كما يدعى هو من وصية رسول الله (ص)؟ قال: يقولون ذلك لشدة اختصاصه له، حتى دخل على علي (ع) يوما، وهو مضطجع، وعنده قوم من أصحابه، فناداه جويرية: أيها النائم، استيقظ، فلتضربن على رأسك ضربة تخضب منها لحيتك، قال:
فتبسم أمير المؤمنين (ع)، قال: وأحدثك يا جويرية بأمرك، أما والذي نفسي بيده لتعتلن (1) إلى العتل الزنيم، فليقطعن يدك ورجلك وليصلبنك تحت جذع كافر، قال: فوالله ما مضت الأيام على ذلك حتى أخذ زياد جويرية، فقطع يده ورجله وصلبه إلى جانب جذع ابن مكعبر، وكان جذعا طويلا، فصلبه على جذع قصير إلى جانبه وروى إبراهيم في كتاب الغارات عن أحمد بن الحسن الميثمي، قال: كان ميثم التمار مولى علي بن أبي طالب (ع) عبدا لامرأة من بنى أسد فاشتراه علي (ع) منها وأعتقه، وقال له: ما اسمك؟ فقال: سالم، فقال: إن رسول الله (ص) أخبرني أن اسمك الذي سماك به أبوك في العجم ميثم، فقال: صدق الله ورسوله، وصدقت يا أمير المؤمنين، فهو والله أسمى. قال: فارجع إلى اسمك، ودع سالما، فنحن نكنيك به، فكناه أبا سالم. قال: وقد كان قد أطلعه علي (ع) على علم كثير، وأسرار خفية من أسرار الوصية، فكان ميثم يحدث ببعض ذلك، فيشك فيه قوم من أهل الكوفة وينسبون عليا (ع) في ذلك إلى المخرقة (2) والايهام والتدليس، حتى قال له يوما بمحضر من خلق كثير من أصحابه، وفيهم الشاك والمخلص: يا ميثم،