وغدا، والله إن أدركتك بعدها لأضربن عنقك، فخرج مسرعا لا يلوي على شئ، وذهبت به راحلته، فلم يدر أين يتسكع من الأرض ثلاثة أيام، لا يعلم أين هو! فكان النعمان يحدث بعد ذلك، يقول: والله ما علمت أين أنا، حتى سمعت قول قائلة تقول وهي تطحن:
شربت مع الجوزاء كأسا روية * وأخر ى مع الشعرى إذا ما استقلت معتقة كانت قريش تصونها * فلما استحلوا قتل عثمان حلت.
فعلمت أنى عند حي من أصحاب معاوية وإذا الماء لبني القين، فعلمت أنى قد انتهيت إلى الماء.
ثم قدم على معاوية فخبره بما لقى، ولم يزل معه مصاحبا، لم يجاهد عليا، ويتتبع قتلة عثمان، حتى غزا الضحاك بن قيس أرض العراق، ثم انصرف إلى معاوية، وقد كان معاوية قال قبل ذلك بشهرين أو ثلاثة: أما من رجل أبعث به (1) بجريدة خيل، حتى يغير على شاطئ الفرات! فإن الله يرعب بها أهل العراق! فقال له النعمان: فابعثني، فان لي في قتالهم نية وهوى وكان النعمان: عثمانيا: قال: فانتدب على اسم الله، فانتدب وندب معه ألفي رجل، وأوصاه أن يتجنب المدن والجماعات، وألا يغير إلا على مسلحة، وأن يعجل الرجوع.
فأقبل النعمان بن بشير، حتى دنا من عين التمر، وبها مالك بن كعب الأرحبي الذي جرى له معه ما جرى (2)، ومع مالك ألف رجل، وقد أذن لهم، فرجعوا إلى الكوفة فلم يبق معه إلا مائة أو نحوها، فكتب مالك إلى علي (ع): أما بعد، فإن النعمان بن بشير، قد نزل بي في جمع كثيف، فر رأيك، سددك الله تعالى وثبتك. والسلام.
فوصل الكتاب إلى علي (ع)، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: