الحرب، ويصلح الله تعالى ذات البين، أن تدفع إليه قتلة عثمان ابن عمه، فيقتلهم به، ويجمع الله تعالى أمرك وأمره، ويصلح بينكم، وتسلم هذه الأمة من الفتنة والفرقة. ثم تكلم النعمان بنحو من ذلك (1).
فقال لهما: دعا الكلام في هذا، حدثني عنك يا نعمان: أنت أهدى قومك سبيلا؟
يعنى الأنصار، قال: لا، قال: فكل قومك قد اتبعني إلا شذاذا، منهم ثلاثة أو أربعة، أفتكون أنت من الشذاذ! فقال النعمان: أصلحك الله، إنما جئت لأكون معك وألزمك، وقد كان معاوية سألني أن أؤدي هذا الكلام، ورجوت أن يكون لي موقف أجتمع فيه معك، وطمعت أن يجرى الله تعالى بينكما صلحا، فإذا كان غير ذلك رأيك فأنا ملازمك وكائن معك.
فأما أبو هريرة فلحق بالشام، وأقام النعمان عند علي (ع)، فأخبر أبو هريرة معاوية بالخبر، فأمره أن يعلم الناس، ففعل، وأقام النعمان بعده شهرا، ثم خرج فارا من علي (ع) ، حتى إذا مر بعين التمر أخذه مالك بن كعب الأرحبي وكان عامل علي (ع) عليها فأراد حبسه، وقال له: ما مر بك بيننا (2)؟ قال: إنما أنا رسول بلغت رسالة صاحبي، ثم انصرفت، فحبسه وقال: كما أنت، حتى أكتب إلى علي فيك فناشده، وعظم عليه أن يكتب إلى علي فيه، فأرسل النعمان إلى قرظة بن كعب الأنصاري وهو كاتب عين التمر يجبى خراجها لعلى (ع) فجاءه مسرعا، فقال لمالك بن كعب: خل سبيل ابن عمى، يرحمك الله! فقال: يا قرظة، اتق الله ولا تتكلم في هذا، فإنه لو كان من عباد الأنصار ونساكهم، لم يهرب من أمير المؤمنين إلى أمير المنافقين.
فلم يزل به يقسم عليه حتى خلى سبيله، وقال له: يا هذا، لك الأمان اليوم والليلة