قال نصر: فحدثنا عمر بن سعد عن أبي جناب الكلبي عن إسماعيل بن شفيع (1) عن (2) سفيان بن سلمة، قال: فلما تم الكتاب وشهدت فيه الشهود، وتراضي الناس خرج الأشعث، ومعه ناس بنسخة الكتاب يقرؤها على الناس، ويعرضها عليهم، فمر به على صفوف من أهل الشام، وهم على راياتهم، فأسمعهم إياه، فرضوا به، ثم مر به على صفوف من أهل العراق، وهم على راياتهم، فأسمعهم إياه، فرضوا به، حتى مر برايات عنزة، وكان مع علي عليه السلام من عنزة بصفين أربعة آلاف مجفف (3)، فلما مر بهم الأشعث يقرؤه عليهم، قال فتيان منهم: لا حكم إلا لله، ثم حملا على أهل الشام بسيوفهما، فقاتلا حتى قتلا على باب رواق معاوية - فهما أول من حكم. واسماهما جعد ومعدان - ثم مر بهما على مراد، فقال صالح بن شقيق، وكان من رؤوسهم:
ما لعلي في الدماء قد حكم * لو قاتل الأحزاب يوما ما ظلم.
لا حكم إلا لله، ولو كره المشركون. ثم مر على رايات بني راسب، فقرأها عليهم، فقال رجل منهم: لا حكم إلا لله، لا نرضى ولا نحكم الرجال في دين الله. ثم مر على رايات تميم، منهم: لا حكم إلا لله، لا نرضى ولا نحكم الرجال في دين الله، ثم مر على رايات تميم، فقرأها عليهم، فقال رجل منهم: لا حكم إلا لله، يقضي بالحق وهو خير الفاصلين. فقال رجل منهم لآخر: أما هذا فقد طعن طعنة نافذة. وخرج عروة بن أدية، أخو مرداس بن أدية التميمي، فقال: أتحكمون الرجال في أمر الله لا حكم إلا لله! فأين قتلانا يا أشعث! ثم شد بسيفه ليضرب به الأشعث، فأخطأه، وضرب عجز دابته ضربة خفيفة، فصاح به الناس: أن أملك (4) يدك، فكف ورجع الأشعث إلى قومه، فمشى الأحنف إليه ومعقل بن قيس، ومسعر بن فدكي، و رجال من بني تميم، فتنصلوا واعتذروا، فقبل منهم ذلك، وانطلق إلى علي عليه السلام، فقال: يا أمير المؤمنين، إني