خاتمته، نحيي ما أحيا القرآن، ونميت ما أماته، على ذلك تقاضينا، وبه تراضينا، وإن عليا وشيعته رضوا أن يبعثوا عبد الله بن قيس ناظرا ومحاكما، ورضي معاوية وشيعته أن يبعثوا عمرو بن العاص ناظرا ومحاكما، على أنهم أخذوا عليهما عهد الله وميثاقه، وأعظم ما أخذ الله على أحد من خلقه ليتخذان الكتاب إماما فيما بعثا إليه، لا يعدوانه إلى غيره ما وجداه فيه مسطورا، وما لم يجداه مسمى في الكتاب رداه إلى سنة رسول الله صلى الله عليه الجامعة، لا يتعمدان لها خلافا، ولا يتبعان هوى، ولا يدخلان في شبهة، وقد أخذ عبد الله بن قيس وعمرو بن العاص على علي ومعاوية عهد الله وميثاقه بالرضا بما حكما به من كتاب الله وسنة نبيه، وليس لهما أن ينقضا ذلك ولا يخالفاه إلى غيره، وإنهما آمنان في حكمهما على دمائهما وأموالهما وأهلهما، ما لم يعدوا الحق، رضي بذلك راض أو أنكره منكر. وإن الأمة أنصار لهما على ما قضيا به من العدل، فإن توفي أحد الحكمين قبل انقضاء الحكومة فأمير شيعته وأصحابه يختارون مكانه رجلا، لا يألون عن أهل المعدلة والإقساط على ما كان عليه صاحبه من العهد والميثاق والحكم بكتاب الله وسنة رسوله، وله مثل شرط صاحبه، وإن مات أحد الأميرين قبل القضاء، فلشيعته أن يولوا مكانه رجلا يرضون عدله. وقد وقعت هذه القضية، ومعها الامن والتفاوض، ووضع السلاح والسلام والموادعة، وعلى الحكمين عهد الله وميثاقه ألا يألوا اجتهادا، ولا يتعمدا جورا، ولا يدخلا في شبهة، ولا يعدوا حكم الكتاب، فإن لم يقبلا برئت الأمة من حكمهما، ولا عهد لهما ولا ذمة، وقد وجبت القضية على ما قد سمى في هذا الكتاب من مواقع الشروط على الحكمين والأميرين والفريقين، والله أقرب شهيدا، وأدنى حفيظا. والناس آمنون على أنفسهم وأهلهم وأموالهم، إلى انقضاء مدة الاجل، والسلاح موضوع، والسبل مخلاة، والشاهد والغائب من الفريقين سواء في الامن، وللحكمين أن ينزلا منزلا عدلا بين أهل العراق والشام، لا يحضرهما فيه إلا من أحبا عن ملا منهما وتراض،
(٢٣٥)