قال نصر: وروى أبو عبد الله زيد الأودي أن رجلا منهم يقال له عمرو بن أوس، قاتل مع علي عليه السلام يوم صفين، فأسره معاوية في أسرى كثيرة، فقال له عمرو بن العاص: اقتلهم، فقال له عمرو بن أوس: لا تقتلني يا معاوية، فإنك خالي، فقامت إليه بنو أود (1) فاستوهبوه، فقال: دعوه، فلعمري إن كان صادقا فيما ادعاه من خئولتي إياه ليستغنين عن شفاعتكم، وإلا فشفاعتكم من ورائه، ثم استدناه، فقال: من أين أنا خالك؟ فوالله ما بين بني عبد شمس وبين أود من مصاهرة، قال: فإن أخبرتك فعرفت، فهو أمان عندك؟ قال: نعم، قال: أليست أم حبيبة (2) أختك أم المؤمنين؟ فأنا ابنها وأنت أخوها، فأنت إذا خالي! فقال معاوية: لله أبوه! أما كان في هؤلاء الأسرى من يفطن إلى هذا غيره! ثم خلى سبيله (3).
* * * وروى إبراهيم بن الحسين بن علي الكسائي المعروف بابن ديزيل الهمداني، في " كتاب صفين "، قال: حدثنا عبد الله بن عمر، قال: حدثنا عمرو بن محمد، قال:
دعا معاوية بن أبي سفيان عمرو بن العاص، ليبعثه حكما، فجاء وهو متحزم، عليه ثيابه وسيفه، وحوله أخوه وناس من قريش، فقال له معاوية: يا عمرو، إن أهل الكوفة أكرهوا عليا على أبي موسى وهو لا يريده و، نحن بك راضون، وقد ضم إليك رجل طويل اللسان، كليل المدية، وله بعد حظ من دين، فإذا قال فدعه يقل، ثم قل فأوجز واقطع المفصل، ولا تلقه بكل رأيك، واعلم أن خبء (4) الرأي زيادة في العقل، فإن خوفك بأهل العراق فخوفه بأهل الشام، وإن خوفك بعلي فخوفه بمعاوية، وإن