قال: إن ذلك الكتاب أنا كتبته بيننا وبين المشركين، واليوم أكتبه إلى أبنائهم، كما كان رسول الله صلى الله عليه كتبه إلى آبائهم شبها (1) ومثلا، فقال عمرو: سبحان الله، أتشبهنا (2) بالكفار، ونحن مسلمون! فقال علي عليه السلام: يا بن النابغة، ومتى لم تكن للكافرين وليا وللمسلمين عدوا! فقام عمرو، وقال: والله لا يجمع بيني وبينك مجلس بعد اليوم. فقال علي: أما والله إني لأرجو أن يظهر الله عليك وعلى أصحابك.
وجاءت عصابة قد وضعت سيوفها على عواتقها، فقالوا: يا أمير المؤمنين، مرنا بما شئت، فقال لهم سهل بن حنيف: أيها الناس، اتهموا رأيكم، فلقد شهدنا صلح رسول الله صلى الله عليه يوم الحديبية، ولو نرى قتالا لقاتلنا (3).
وزاد إبراهيم بن ديزيل: لقد رأيتني يوم أبي جندل - يعني الحديبية - ولو أستطيع أن أرد أمر رسول الله صلى الله عليه لرددته، ثم لم نر في ذلك الصلح إلا خيرا.
قال نصر: وقد روى أبو إسحاق الشيباني، قال: قرأت كتاب الصلح عند سعيد بن أبي بردة في صحيفة صفراء، عليها خاتمان: خاتم من أسفلها، وخاتم من أعلاها، على خاتم علي عليه السلام محمد رسول الله صلى الله عليه، وعلى خاتم معاوية محمد رسول الله. وقيل لعلي عليه السلام، حين أراد أن يكتب الكتاب بينه وبين معاوية وأهل الشام: أتقر أنهم مؤمنون مسلمون! فقال علي عليه السلام: ما أقر لمعاوية ولا لأصحابه أنهم مؤمنون ولا مسلمون، ولكن يكتب معاوية ما شاء بما شاء، ويقر بما شاء لنفسه ولأصحابه، ويسمي نفسه بما شاء وأصحابه، فكتبوا:
هذا ما تقاضى عليه علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان قاضى علي بن لابن أبي طالب