فإن أك قد أحببتكم ورأيتكم * فإني بداري عامر لغريب (1) قال: وأشرف علي رجل فقلت: يا عبد الله، أسقني ماء، فقال: لا والله، حتى تعطيني ثمنه، قلت: وما ثمنه! قال: ديتك، قلت: أما ترى عليك من الحق أن تقري الضيف، فتطعمه وتسقيه! قال: ربما فعلنا وربما بخلنا، قال: فقلت: والله ما أراك فعلت خيرا قط، أسقني، قال: ما أطيق، قلت: فإني أحسن إليك وأكسوك، قال: لا والله لا أنقص شربة من مائة دينار، فقلت له: ويحك! اسقني، فقال: ويحك! أعطني، قلت: لا والله ما هي معي، ولكنك تسقيني، ثم تنطلق معي أعطيكها، قال: لا والله، قلت: اسقني وأرهنك فرسي حتى أوفيكها، قال: نعم، ثم خرج بين يدي واتبعته، فأشرفنا على أخبية وناس على ماء، فقال لي: مكانك حتى آتيك، فقلت: بل أجئ معك، قال: وساءه حيث رأيت الناس والماء، فذهب يشتد حتى دخل بيتا، ثم جاء بماء في إناء، فقال: اشرب، فقلت:
لا حاجة لي فيه، ثم دنوت من القوم، فقلت: أسقوني ماء، فقال شيخ لابنته: اسقيه، فقامت ابنته فجاءت بماء ولبن، فقال ذلك الرجل: نجيتك من العطش، وتذهب بحقي! والله لا أفارقك حتى أستوفي منك حقي، فقلت: إجلس حتى أوفيك. فجلس، فنزلت فأخذت الماء واللبن من يد الفتاة، فشربت واجتمع إلي أهل الماء، فقلت لهم: هذا ألام الناس! فعل بي كذا وكذا! وهذا الشيخ خير منه وأسدى، استسقيته فلم يكلمني وأمر ابنته فسقتني، وهو الآن يلزمني بمائة دينار. فشتمه أهل الحي، ووقعوا به، ولم يكن بأسرع من أن لحقني قوم من أصحابي، فسلموا علي بالإمرة، فارتاب الرجل وجزع، وذهب يريد أن يقوم، فقلت: والله لا تبرح حتى أوفيك المائة، فجلس ما يدري ما الذي أريد به! فلما كثر جندي عندي سرحت إلي ثقلي (2)، فأتيت به، ثم أمرت بالرجل فجلد مائة جلده، ودعوت الشيخ وابنته فأمرت لهما بمائة دينار وكسوتهما، وكسوت أهل الماء