من ارتكب هذا النهى استوجب هذا الوعيد وقد يعفو الله عنه هذا كلام القاضي والصواب أن النهى يتناول جميع من يستعمل إناء الذهب أو الفضة من المسلمين والكفار لأن الصحيح أن الكفار مخاطبون بفروع الشرع والله أعلم وأجمع المسلمون على تحريم الأكل والشرب في إناء الذهب وإناء الفضة على الرجل وعلى المرأة ولم يخالف في ذلك أحد من العلماء إلا ما حكاه أصحابنا العراقيون أن للشافعي قولا قديما أنه يكره ولا يحرم وحكوا عن داود الظاهري تحريم الشرب وجواز الأكل وسائر وجوه الاستعمال وهذان النقلان باطلان أما قول داود فباطل لمنابذة صريح هذه الأحاديث في النهى عن الأكل والشرب جميعا ولمخالفة الاجماع قبله قال أصحابنا انعقد الاجماع على تحريم الأكل والشرب وسائر الاستعمال في إناء ذهب أو فضة إلا ما حكى عن داود وقول الشافعي في القديم فهما مردودان بالنصوص والاجماع وهذا إنما يحتاج إليه على قول من يعتد بقول داود في الاجماع والخلاف والا فالمحققون يقولون لا يعتد به لاخلاله بالقياس وهو أحد شروط المجتهد الذي يعتد به وأما قول الشافعي القديم فقال صاحب التقريب أن سياق كلام الشافعي في القديم يدل على أنه أراد أن نفس الذهب والفضة الذي اتخذ منه الاناء ليست حراما ولهذا لم يحرم الحلى على المرأة هذا كلام صاحب التقريب وهو من متقدمي أصحابنا وهو أتقنهم لنقل نصوص الشافعي ولأن الشافعي رجع عن هذا القديم والصحيح عند أصحابنا وغيرهم من الأصولين أن المجتهد إذا قال قولا ثم رجع عنه لا يبقي قولا له ولا ينسب إليه قالوا وإنما يذكر القديم وينسب إلى الشافعي مجازا وباسم ما كان عليه لا أنه قول له الآن فحصل مما ذكرناه أن الاجماع منعقد على تحريم استعمال اناء الذهب واناء الفضة في الأكل والشرب والطهارة والأكل بملعقة من أحدهما والتجمر بمجمرة منهما والبول غي الإناء منهما وجميع وجوه الاستعمال ومنها المكحلة والميل وطرف العالية وغير ذلك سواء الاناء الصغير والكبير ويستوى في التحريم الرجل
(٢٩)