ممرض على مصح فأرشد فيه إلى مجانية ما يحصل الضرر عنده في العادة بفعل الله تعالى وقدره فنفى في الحديث الأول العدوي بطبعها ولم ينف حصول الضرر عند ذلك بقدر الله تعالى وفعله وأرشد في الثاني إلى الاحتراز مما يحصل عنده الضرر بفعل الله وارادته وقدره فهذا الذي ذكرناه من تصحيح الحديثين والجمع بينهما هو الصواب الذي عليه جمهور العلماء ويتعين المصير إليه ولا يؤثر نسيان أبي هريرة لحديث لا عدوى لوجهين أحدهما أن نسيان الراوي للحديث الذي رواه لا يقدح في صحته عند جماهير العلماء بل يجب العمل به والثاني أن هذا اللفظ ثابت من رواية غير أبي هريرة فقد ذكر مسلم هذا من رواية السائب بن يزيد وجاد بن عبد الله وأنس ابن مالك وابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وحكى المازري والقاضي عياض عن بعض العلماء أن حديث لا يورد ممرض على مصح منسوخ بحديث لا عدوى وهذا غلط لوجهين أحدهما أن النسخ يشترط فيه تعذر الجمع بين الحديثين ولم يتعذر بل قد جمعنا بينهما والثاني أنه يشترط فيه معرفة التاريخ وتأخر الناسخ وليس ذلك موجود هنا وقال آخرون حديث لا عدوى على ظاهره وأما النهى عن ايراد الممرض على المصح فليس للعدوى بل للتأذى بالرائحة الكريهة وقبح صورته وصورة المجذوم والصواب ما سبق والله أعلم قوله صلى الله عليه وسلم (ولا صفر) فيه تأويلان أحدهما المراد تأخيرهم تحريم المحرم إلى صفر وهو النسئ الذي كانوا يفعلونه وبهذا
(٢١٤)