فاخرجوا وهذا دليل على أن الجهاد ليس فرض عين بل فرض كفاية إذا فعله من تحصل بهم الكفاية سقط الحرج عن الباقين وان تركوه كلهم اثموا كلهم قال أصحابنا الجهاد اليوم فرض كفاية إلا أن ينزل الكفار ببلد المسلمين فيتعين عليهم الجهاد فإن لم يكن في أهل ذلك البلد كفاية وجب على من يليهم تتميم الكفاية واما في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فالأصح عند أصحابنا أنه كان أيضا فرض كفاية والثاني أنه كان فرض عين واحتج القائلون بأنه كان فرض كفاية بأنه كان يغزوا السرايا وفيها بعضهم دون بعض قوله صلى الله عليه وسلم للاعرابي الذي سأله عن الهجرة (إن شأن الهجرة لشديد فهل لك من إبل قال نعم قال هل تؤتى صدقتها قال نعم قال فاعمل من وراء البحار فإن الله لن يترك من عملك شيئا) أما يترك فبكسر التاء معناه لن ينقصك من ثواب أعمالك شيئا حيث كنت قال العلماء والمراد بالبحار هنا القرى والعرب تسمى القرى البحار والقرية البحيرة قال العلماء والمراد بالهجرة التي سأل عنها هذا الأعرابي ملازمة المدينة مع النبي صلى الله عليه وسلم وترك أهله ووطنه فخاف عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يقوى لها ولا يقوم بحقوقها وأن ينكص على عقبيه فقال له إن شأن الهجرة التي سألت عنها لشديد ولكن اعمل بالخير في وطنك وحيث ما كنت فهو ينفعك ولا ينقصك الله منه شيئا والله أعلم
(٩)