إنما كانت قبل الفتح ولكن أبايعك على الاسلام والجهاد وسائر أفعال الخير وهو من باب ذكر العام بعد الخاص فإن الخير أعم من الجهاد ومعناه أبايعك على أن تفعل هذه الأمور قوله (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح فتح مكة لا هجرة ولكن جهاد ونية) وفى الرواية الأخرى لا هجرة بعد الفتح قال أصحابنا وغيرهم من العلماء الهجرة من دار الحرب إلى دار الاسلام باقية إلى يوم القيامة وتأولوا هذا الحديث تأويلين أحدهما لا هجرة بعد الفتح من مكة لأنها صارت دار اسلام فلا تتصور منها الهجرة والثاني وهو الأصح أن معناه أن الهجرة الفاضلة المهمة المطلوبة التي يمتاز بها أهلها امتيازا ظاهرا انقطعت بفتح مكة ومضت لأهلها الذين هاجروا قبل فتح مكة لأن الاسلام قوى وعز بعد فتح مكة عزا ظاهرا بخلاف ما قبله قوله صلى الله عليه وسلم (ولكن جهاد ونية) معناه أن تحصيل الخير بسبب الهجرة قد انقطع بفتح مكة ولكن حصلوه بالجهاد والنية الصالحة وفى هذا الحث على نية الخير مطلقا وأنه يثاب على النية قوله صلى الله عليه وسلم (وإذا استنفرتم فانفروا) معناه إذا طلبكم الامام للخروج إلى الجهاد
(٨)