لمن علمت علما محققا أنه لا يكرهه بحيث لا يخلو بها الخلوة المحرمة وقولها (ذهب يستعذب لنا الماء) أي يأتينا بماء عذب وهو الطيب وفيه جواز استعذابه وتطييبه قوله (الحمد لله ما أحد اليوم أكرم ضيفا منى) فيه فوائد منها استحباب حمد الله تعالى عند حصول نعمة ظاهرة وكذا يستحب عند اندفاع نقمة كانت متوقعة وفى غير ذلك من الأحوال وقد جمعت في ذلك قطعة صالحة في كتاب الأذكار ومنها استحباب اظهار البشر والفرح بالضيف في وجهه وحمد الله تعالى وهو يسمع على حصول هذه النعمة والثناء على ضيفه ان لم يخف عليه فتنة فان خاف لم يثن عليه في وجهه وهذا طريق الجمع بين الأحاديث الواردة بجواز ذلك ومنعه وقد جمعتها مع بسط الكلام فيها في كتاب الأذكار وفيه دليل على كمال فضيلة هذا الأنصاري وبلاغته وعظيم معرفته لأنه أتى بكلام مختصر بديع في الحسن في هذا الموطن رضي الله عنه قوله (فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب فقال كلوا من هذه) العذق هنا بكسر العين وهي الكباسة وهي الغصن من النخل وإنما أتى بهذا العذق وفيه الملون ليكون أطرف وليجمعوا بين أكل الأنواع فقد يطيب لبعضهم هذا ولبعضهم هذا وفيه دليل على استحباب تقديم الفاكهة على الخبز واللحم وغيرهما وفيه استحباب المبادرة إلى الضيف بما تيسر واكرامه بعده بطعام يصنعه له لا سيما ان غلب على ظنه حاجته في الحال إلى الطعام وقد يكون شديد الحاجة إلى التعجيل وقد يشق عليه انتظار ما يصنع له لاستعجاله للانصراف وقد كره جماعة من السلف التكلف للضيف وهو محمول على ما يشق على صاحب البيت مشقة ظاهرة لأن ذلك يمنعه من الاخلاص وكمال السرور بالضيف وربما ظهر عليه شئ من ذلك فيتأذى به الضيف وقد يحضر شيئا يعرف الضيف من حاله أنه يشق عليه وأنه يتكلفه له فيتأذى الضيف لشفقته عليه وكل هذا مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه لأن أكمل اكرامه إراحة خاطره وإظهار السرور به وأما فعل
(٢١٣)