وقد عرف حقها من طرقها (4). وأكرم بها من المؤمنين الذين لا يشغلهم عنها زين متاع ولا قرة عين من مال ولا ولد، يقول الله عز وجل: (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة) (5) وكان رسول الله صلى الله عليه وآله منصبا (6) لنفسه بعد البشرى له بالجنة من ربه، فقال عز وجل: (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها) الآية فكان
(4) أي من أتى بها ليلا، من الطروق بمعنى الاتيان بالليل، أي واظب عليها في الليالي، وقيل: من جعلها دأبه وصنعه.
أقول: ويمكن أن يكون من باب التفعيل، من طرق الموضع إذا جعله طريقا، أي قد عرف حق الصلاة من جعلها طريقا إلى الله، ويحتمل قويا أن تكون اسما مضموم الفاء والعين، ويكون جمعا للطريق، وكلمة (من) حرف جر، والجار في قوله: (من المؤمنين) متعلقا بقوله: (وقد عرف) والموصول فاعل لقوله: (عرف) والتقدير: قد عرف من المؤمنين حق الصلاة من من طريقها من لا يشغله عنها مال ولا ولد، واما من شغله المال والولد عن الصلاة فلم يعرف الصلاة من سبيل معرفتها ودرب عرفان حقيقتها، فمعرفته ليست حقيقية، لأنها لم تكن مأخوذة من محلها ومظانها، ويحتمل أيضا حذف الفاعل للعلم به كما يحتمل ان الراوي قد سها عن ذكره، أو النساخ قد نسوه فما كتبوه، ويؤيد الوجهين الأخيرين ما ذكرناه عن النهج.
(5) الآية 38، من سورة النور. ومعنى لا تلهيهم: لا تصرفهم.
(6) أي متعبا، من الأنصاب المأخوذ من النصب. وفى النهج: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم نصبا بالصلاة بعد التبشير له بالجنة، لقول الله سبحانه: (وأمر أهلك بالصلاة) إلى آخر الآية (132) من سورة طه