ثلاثة:
أحدها: قوة إدراك الخير والشر والتمييز بينهما، ومعرفة أسباب الأمور، ونحو ذلك، وهذا هو مناط التكليف.
وثانيها: حالة وملكة تدعو إلى اختيار الخير والمنافع واجتناب الشر والمضار.
وثالثها: التعقل بمعنى العلم، ولذا يقابل بالجهل لا بالجنون، وأحاديث هذا الباب وغيره أكثرها محمول على المعنى الثاني والثالث، والله أعلم " (1).
أقول: يتضح من خلال التتبع والتأمل في الموارد التي استخدمت فيها كلمة " العقل " ومرادفاتها في النصوص الإسلامية أن هذه الكلمة تطلق على مبدأ إدراكات الانسان تارة، وتطلق على النتيجة الحاصلة من إدراكاته تارة أخرى. كما وأن لكل واحد من هذين المعنيين استخدامات مختلفة، منها:
أ: استخدام " العقل " في ما يخص مبدأ الإدراكات:
1 - مبدأ جميع المعارف الانسانية:
وهذا المعنى تشير إليه الأحاديث التي تفسر حقيقة العقل ب " النور " (2)، أو تعتبر النور كمبدأ لوجود العقل (3)، أو تنظر إليه كهدية إلهية، وتذهب إلى أنه أصل الانسان (4).
فالانسان - كما يستشف من هذه الأحاديث - يتمتع في وجوده الذاتي بطاقة نورانية تعتبر بمثابة الحياة للروح. وهذه الطاقة إذا كتب لها النماء والتهذيب يتمكن الانسان في ظلها من إدراك حقائق الوجود، والتمييز بين الحقائق الحسية والغيبية،