والمهاجرون والأنصار والبدريون من الصحابة قط لا قيمة لهم ولا لبيعتهم وجماعتهم عنده في سوق الاعتبار، يقول: إن الجماعة معه، وإن الطاعة لا يراها هو، على حين أنهما حصلتا له صلوات الله عليه رضي به ابن هند أو أبى، وإن الجماعة التي كانت لعلي عليه السلام وبيعتهم إياه كانت من سروات المجد وأهل الحل والعقد من المهاجرين والأنصار ووجوه الأمصار والبلاد، ولم يتحقق إجماع في الاسلام مثله، وأما التي كانت لمعاوية في حسبانه فمن رعرعة الشام، ورواد الفتن، وسماسرة الأهواء، ولم يكن معه كما قال سيدنا قيس بن سعد بن عبادة: إلا طليقا أعرابيا، أو يمانيا مستدرجا، وكان معه مائة ألف ما فيهم من يفرق بين الناقة والجمل كما مر حديثه في ص 195، فأي عبرة بموقف هؤلاء؟ وأي قيمة لبيعتهم بعد شذوذهم عن الحق ونبذهم إياه وراء ظهورهم؟.
من يكن ابن آكلة الأكباد وزبانيته حتى يكون لهم رأي في الخلافة؟ ويطلبوا من أمير المؤمنين اعتزال الأمر، ورده شورى بين المسلمين بعد أن العمد والدعائم من المسلمين رضوا بتلكم البيعة وعقدوها للإمام الحق على زهد منه عليه السلام فيها، لكنهم تكاثروا عليه كعرف الفرس حتى لقد وطئ الحسنان، وشق عطفاه، فكان تدخل الطليق ابن الطليق في أمر الأمة الذي أصفق عليه رجال الرأي والنظر تبرعا منه من غير طلب ولا جدارة، بل كان خروجا على الإمام الذي كانت معه جماعة المسلمين، وانعقدت عليه طاعتهم، فتبا لمن شق عصاهم، وفت في عضدهم.
وابن هند إن لم يكن ينازع للخلافة كما حسبه ابن حجر فما كانت تلك المحاباة وتغرير وجوه الناس ورجالات الثورات بولايات البلاد؟ فترى يجعل مصر طعمة لعمرو ابن العاص، وله خطواته الواسعة وراء قتل عثمان، ويعهد على زياد التميمي أن يوليه أي المصرين أحب إذا ظهر، غير أن التميمي كان على بينة من ربه فيما أنعم الله عليه لم يك ظهيرا للمجرمين، وكذلك قيس بن سعد الأنصاري كتب إليه معاوية يعده بسلطان العراقين إذا ظهر ما بقي، ولم أحب قيس سلطان الحجاز ما دام له سلطان (1) وقيس شيخ الأنصار، وهم المتسربلون بالحديد يوم الجمل قائلين: نحن قتلة عثمان.
ولنا حق النظر في قوله لشبث بن ربعي: وما يمنعني من ذلك والله لو أمكنت من