لكنها لما علمت أن خلافة الله الكبرى عادت علوية واستقرت في مقرها الجدير بها - ولم يكن لها مع أمير المؤمنين عليه السلام هوى - قلبت عليها ظهر المجن، فطفقت تقول:
لوددت أن السماء انطبقت على الأرض إن تم هذا، وأظهرت الأسف على قتل عثمان ورجعت إلى مكة بعد ما خرجت منها، ونهضت ثائرة تطلب بدم عثمان لعلها تجلب الإمرة إلى طلحة من هذا الطريق، وإلا فما هي من أولياء ذلك الدم، وقد وضع عنها قود العساكر ومباشرة الحروب، لأنها امرأة خلقها الله لخدرها، وقد نهيت كبقية نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم خاصة عن التبرج، وقد أنذرها رسول الله صلى الله عليه وآله وحذرها عن خصوص واقعة الجمل، غير أنها أعرضت عن ذلك كله لما ترجح في نظرها من لزوم تأييد أمر طلحة، وتصاممت عن نبح كلاب الحوأب، وقد ذكره لها الصادق الأمين عند الانذار والتحذير ، ولم تزل يقودها الأمل حتى قتل طلحة فألمت بها الخيبة، وغلب أمر الله وهي كارهة.
3 - حديث عبد الرحمن بن عوف أحد العشرة المبشرة، شيخ الشورى، بدري.
1 - أخرج البلاذري عن سعد قال: لما توفي أبو ذر بالزبدة تذاكر علي و عبد الرحمن بن عوف فعل عثمان فقال علي: هذا عملك. فقال عبد الرحمن: إذا شئت فخذ سيفك وآخذ سيفي، إنه قد خالف ما أعطاني.
2 - قال أبو الفدا: لما أحدث عثمان رضي الله عنه ما أحدث من توليته الأمصار للأحداث من أقاربه روي أنه قيل لعبد الرحمن بن عوف: هذا كله فعلك. فقال: ما كنت أظن هذا به، لكن لله علي أن لا أكلمه أبدا، ومات عبد الرحمن وهو مهاجر لعثمان رضي الله عنهما، ودخل عليه عثمان عائدا في مرضه فتحول إلى الحائط ولم يكلمه.
3 - روى البلاذري من طريق عثمان بن الشريد قال: ذكر عثمان عند عبد الرحمن ابن عوف في مرضه الذي مات فيه فقال عبد الرحمن: عاجلوه قبل أن يتمادى في ملكه فبلغ ذلك عثمان فبعث إلى بئر كان يسقى منها نعم عبد الرحمن بن عوف فمنعه إياها فقال عبد الرحمن: اللهم اجعل ماءها غورا. فما وجدت فيها قطرة.
4 - عن عبد الله بن ثعلبة قال: إن عبد الرحمن بن عوف كان حلف ألا يكلم عثمان أبدا.