وأقاده الله بعمله، يا معشر قريش! لا يسومنكم قتل عثمان كما سام أحمر ثمود قومه، إن أحق الناس بهذا الأمر ذو الإصبع. فلما جاءت الأخبار ببيعة علي عليه السلام قالت:
تعسوا لا يردون الأمر في تيم أبدا. كتب طلحة والزبير إلى عائشة وهي بمكة كتبا أن خذلي الناس عن بيعة علي، وأظهري الطلب بدم عثمان. وحملا الكتب مع ابن أختها عبد الله بن الزبير، فلما قرأت الكتب كاشفت وأظهرت الطلب بدم عثمان، وكانت أم سلمة رضي الله عنها بمكة في ذلك العام فلما رأت صنع عائشة قابلتها بنقيض ذلك وأظهرت موالاة علي عليه السلام ونصرته على مقتضى العداوة المركوزة في طباع الضرتين.
17 - قال أبو محنف: جاءت عائشة إلى أم سلمة تخادعها على الخروج للطلب بدم عثمان فقالت لها: يا بنت أبي أمية أنت أول مهاجرة من أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله وأنت كبيرة أمهات المؤمنين، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يقسم لنا من بيتك، وكان جبريل أكثر ما يكون في منزلك. فقالت أم سلمة: لأمر ما قلت هذه المقالة؟ فقالت عائشة:
إن عبد الله أخبرني أن القوم استتابوا عثمان فلما تاب قتلوه صائما في شهر حرام، وقد عزمت على الخروج إلى البصرة ومعي الزبير وطلحة فاخرجي معنا لعل الله أن يصلح هذا الأمر على أيدينا وبنا. قالت: أنا أم سلمة، إنك كنت بالأمس تحرضين على عثمان وتقولين فيه أخبث القول، وما كان اسمه عندك إلا نعثلا، وإنك لتعرفين منزلة علي بن أبي طالب عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. الحديث (1).
18 - روى ابن عبد ربه عن العتبي قال: قال رجل من بني ليث: لقيت الزبير قادما فقلت: يا أبا عبد الله ما بالك؟ قال: مطلوب مغلوب يغلبني ابني ويطلبني ذنبي، قال: فقدمت المدينة فلقيت سعد بن أبي وقاص فقلت: أبا إسحاق! من قتل عثمان؟
قال: قتله سيف سلته عائشة، شحذه طلحة، وسمه علي. قلت: فما حال الزبير؟
قال: أشار بيده وصمت بلسانه.
وفي الإمامة والسياسة: كتب عمرو بن العاص إلى سعد بن أبي وقاص يسأله عن قتل عثمان ومن قتله ومن تولى كبره، فكتب إليه سعد: إنك سألتني من قتل عثمان، وإني أخبرك إنه قتل بسيف سلته عائشة، وصقله طلحة، وسمه ابن أبي طالب، و