ابن عبدة عشرين سوطا ونفاه إلى بعض الجبال.
قال الأميني: ألا تعجب في أمر هذا الخليفة أن مناوئيه كلهم في عاصمة الخلافة وبقية الأوساط الإسلامية خيار البلاد وصلحاء الأمة؟ كما أن من اكتنف به وأغراه بالأبرار هم المتهتكون في الدين، المفضوحون بالسمعة الشائنة، رواد الشره، وسماسرة المطامع، من طغمة الأمويين ومن يقتص أثرهم، فلا ترى له سوط عذاب يرفع إلا وكان مصبه أولئك الصالحون، كما أنك لا تجد جميلا له يسدى ولا يدا موفورة إلا لأولئك الساقطين، فهل بعث الخليفة (وهو رحمة للعالمين) نقمة على المؤمنين؟
أم ماذا كانت حقيقة الأمر؟ أنا لا أدري لماذا أسخط الخليفة كتاب القوم فأراد بحامله السوء من حبس وضرب بعد يأسه عن معرفة كاتبيه لولا أن عليا أمير المؤمنين حال بينه وبين ما يشتهيه، وهل كان الرجل إلا وسيطا كلف بالرسالة فأداها؟ ولعله لم يكن يعلم ما فيها، وليس في الكتاب إلا التذكير بالله، والتحذير عما يوجب تفريق الكلمة، وإقلاق السلام، وإظهار الطاعة بشرط طاعة الله والاستقامة الذي هو مأخوذ في الخليفة قبل كل شئ (وعليه جرى انتخاب يوم الشورى) وإيقافه على مكان سيعد الشاب الغر من السعاية التي خافوا أن تكون، وبالا عليه، وبالأخير وقع ما خافوا منه وحذروا الخليفة عنه، والشهادة لأولئك المنفيين بالبراءة مما نبزوا به وأنهم من أهل الورع والفضل والعفاف، وإن تسييرهم لا يحل في دين الله، ويشوه سمعة الخليفة.
ولماذا أغضبه كتاب كعب؟ وهو بطبع الحال لدة ما كتبه القوم من النصح الجميل.
ولماذا أمر بإشخاصه إلى المدينة وضربه وجازاه على نصحه بجزاء سنمار؟
فهلا انبعث الخليفة إلى التفاهم مع القوم فيما أظهروا أنهم يتحرون ما فيه صلاحه وصلاح الأمة؟ فإما أن يقنعهم بما عنده، أو يقتنع بما يبدونه، فيرتفع ذلك الحوار، وتدفع عنه المثلات، لكنه أبى إلا أن يستمر على ما ارتآه وحبذه له المحتفون به الذين اتخذوه قنطرة إلى شهواتهم، ولذلك لم يتفاهم مع كعب إلا بالغلظة فقال له:
أأنت تعلمني. الخ. أنا لا أدري موقع هذا الكلام التافه، هل الكون في صلب رجل مشرك يحط من كرامة الانسان وقد آمن بالله ورسوله؟ إذن لتسرب النقص إلى الصحابة الذين نقلوا من أصلاب المشركين وارتكضوا في أرحام المشركات، وكثير منهم أشركوا