هذه علل الرواية إسنادا، وأما هي من ناحية المتن فسل عنها مولانا أمير المؤمنين ورأيه المدعوم في عثمان وقد أسلفناه في هذا الجزء ص 69 - 77: أتراه صلوات الله عليه يرى الرجل أبرهم وأوصلهم ثم يرفع عقيرته على صهوة الخطابة بمثل قوله فيه: قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع، إلى أن انتكث فتله، وأجهز عليه عمله، وكبت به بطنته (1).
وقوله فيه: إن بني أمية ليفوقونني تراث محمد صلى الله عليه وآله وسلم تفويقا (2).
وقوله في أقطاعه وأعطياته: ألا إن كل قطيعة أقطعها عثمان، وكل مال أعطاه من مال الله فهو مردود في بيت المال، فإن الحق القديم لا يبطله شئ، ولو وجدته قد تزوج به النساء، وفرق في البلدان لرددته إلى حاله. راجع ج 8: 287 ط 2.
أنى كانت صلات عثمان مشروعة مرضية عند أمير المؤمنين حتى يثني بها عليه ويراه أبرهم وأوصلهم، وقد أوقفناك في الجزء الثامن على شطر مهم من هباته ومدرها فاقرأ وتبصر.
43 - أخرج ابن عساكر عن يزيد بن أبي حبيب كما في تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 110، أنه قال: بلغني أن عامة الركب الذين ساروا إلى عثمان عامتهم جنوا. و في لفظ القرماني في أخبار الدول هامش الكامل لابن الأثير 1: 213: إن عامة من أشار إلى قتل عثمان جنوا.
قال الأميني: أليست هذه المهزأة من فنون الجنون؟ انظر إلى عقل من جاء بها أولا: (يزيد بن أبي حبيب) ثم أرجع البصر كرتين إلى عقل أولئك الحفاظ الذين عدوا مثل هذا التره التافه من فضائل عثمان وكراماته، وإني أحسب أن في قول ابن سعد في ترجمة يزيد بن أبي حبيب: " إنه كان حليما عاقلا " دفعا لما يدخل هاجسة القاري من روايته هذه، لكنه لا يثبت له العقل بعد ما حفظها له التاريخ، كيف يصدق ذو مسكة هذه السفسطة والركب السائرون إلى عثمان تعد بالآلاف من رجال الحواضر الإسلامية وهم معروفون مشهورون ولم يعرف أحد منهم بما قذفهم ابن