ذوو العلم من المجهود على اختلاف مواضيع ما يؤلف، وسعة معرفة المؤلف ونطاق إحاطته بما أوتي من علم وفضل (يجد المنصف من نفسه) أن كتاب " الغدير " هو الجدير بالذكر والإطراء، والتقريض والثناء، وإنه المفرد في بابه، والوحيد في موضوعه، فكم من حقائق أسدل عليها ستار الشبه، وسترتها يد الأهواء، وأخفتها كف فطالما سترت الحق طي أناملها، وزوته في بطون كتبها، فراح الحق رهين أهواء وسلطة، فجاء " الغدير " من بعد حين يميط عنها غياهب الظلم، ويكشف دون وجهها حجاب التدجيل، فأسفر الحق عن محضه، وأصحر النور لذي عينين كالشمس في رائعة النهار، فلله در كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأقول والحق يقال: إن من سبر هذا السفر الميمون والكتاب الجليل وأحاط بما أودع فيه من غزارة العلم، ومتانة التعبير، وحسن الأسلوب، ورصانة البيان، وسعة التنقيب، وطول الباع، وكثرة الاطلاع يكاد يذهب إلى ما قاله البعض في حق الكتاب: إنه عمل ومجهود لا تقوم بأعباء ثقله إلا أمة جماعة قد نهض به عالم وحده. والله يؤتي الحكمة من يشاء، ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا. ولا أسهب في القول إن وصفته بهذا فحسب، وأجدني غير موف لحق المقام، غير أن الظروف لا تسع للإعراب عن كل ما يراد، وإن مؤلفنا الثقة فقيه المؤرخين ومؤرخ الفقهاء العلامة " الأميني " دام عزه ومجده وتأييده وتسديده هو من أولئك الذين وقفوا حياتهم الثمينة وأرخصوا أوقاتهم الغالية لتشييد الدين وإعلاء كلمة الحق والجهاد في سبيل الشريعة المقدسة والصراط المستقيم والمنهج المهيع " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ".
ونحن في الوقت الذي ندعو للمؤلف الأمين بالتأييد والتسديد نطلب من الله تعالى شأنه من فضله وعنايته بهذه الأمة الإسلامية المحمدية والفرقة الناجية العلوية أن يكثر فيها أمثاله من الأعلام وحملة العلم والأقلام ورجالات الفضيلة، وأن يتقبل هذا المجهود العظيم منه بعين لطفه وأن يرعاه بالقبول، وأن يجمع به شمل الأمة وشتات الفرقة.
ومن أراد الحق وطلب سبيل الرشاد واستضاء بنور الهداية فلديه كتاب " الغدير " كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون. وفق الله الجميع لمراضيه إنه ولي التوفيق، والسلام على جميع المؤمنين ورحمة الله وبركاته.
6 / 6 / 1370 الأحقر حسين الموسوي الحمامي