هلم معي نعطف النظرة بين ما أثبته الصحيحان على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبين ما جاء به أحمد في مسنده 1: 74 عن الحسن البصري أنه ذكر عثمان وشدة حياءه فقال: إن كان ليكون في البيت والباب عليه مغلق فما يضع عنه الثوب ليفيض عليه الماء يمنعه الحياء أن يقيم صلبه (1) انظر إلى حياء نبي العصمة والقداسة، وحياء وليد الشجرة المنعوتة في القرآن، وشتان بينهما؟.
أوليس هذا النبي الأعظم هو الذي سأله معاوية بن حيدة فقال له: يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: إحفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك. قال: فإذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: إن استطعت أن لا يراها أحد فلا يرينها. قال: فإذا كان أحدنا خاليا؟
قال فالله تبارك وتعالى أحق أن يستحيا منه (2).
لقد أغرق صلى الله عليه وآله وسلم نزعا في ستر العورة حتى أنه لم يرض بكشفها والمرأ خال حياء من الله تعالى، واستدل به من قال: إن التعري في الخلاء غير جائز مطلقا (3) لكن من عذيري من صاحبي الصحيحين حيث يحسبان أنه صلى الله عليه وآله وسلم كشفها بملأ من الأشهاد؟ والله من فوقهم رقيب. وعلى فرضه - وهو فرض محال - فأين الحياء المربي على حياء العذراء؟ وأين الحياء من الله؟ غفرانك اللهم هذا بهتان عظيم.
هل يحسب الشيخان أن ذلك الحياء فاجأه صلى الله عليه وآله وسلم بعد هذه الوقايع أو الفظايع، وما كان غريزة فيه منذ صيغ في بوتقة القداسة؟ إن كانا يزعمان ذلك؟ فبئس ما زعما، وإن الحق الثابت أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان نبيا وآدم بين الروح والجسد (4) وقد اكتنفته الغرائز الكريمة كلها منذ ذلك العهد المتقادم، شرع سواء في ذلك وهو في عالم الأنوار:
أو: في عالم الأجنة، وفي أدوار كونه رضيعا وطفلا ويافعا وغلاما وكهلا وشيخا، صلى الله عليه وآله وسلم