فيها الناقد البصير؟ لماذا اقتحم فيها مع ضؤولة رأيه وجهله بأحوال الرجال ومقادير أفذاذ الأمة، وعدم عرفانه نفسيات خيرة البشر وصلحاء الصحابة ومبلغهم من الدين؟
لماذا اقتحم فيها مع بعده عن دراية الحديث، وعلم الدين، وفقه التاريخ؟
تراه تشزر وتعبأ للدفاع عمن شغفه حبه بكل ما تيسر له ولو بالوقيعة في عدول الصحابة أو في الصحابة العدول، وقد بينا في الجزء الثامن ص 349 ط 2 حديث الرجل في أبي ذر وأنه موضوع عنعنه أناس لا يعول عليهم عند مهرة الفن، وفصلنا القول في هذا الجزء في حديث عمار وأنه قط لم يتوجه إلى مصر، وأن ما ركن إليه الأستاذ لا يصح إسناده، ونحاشي عمارا عن أن يحمل ضغينة على أحد لإنفاذه حكم الله فيه، وهل الأستاذ طبق المفصل في رأيه هذا وبين يديه الذكر الحكيم والآية النازلة في عمار؟ وفي صفحات الكتب قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ملئ عمار إيمانا إلى أخمص قدميه. وقوله: إن عمارا مع الحق والحق معه، يدور عمار مع الحق أينما دار. و قوله: ما خير عمار بين أمرين إلا اختار أرشدهما. إلى أحاديث أخرى مرت في هذا الجزء ص 20 - 28 تضاد تلكم الخزعبلات.
وللأستاذ في تبرير الخليفة كلمات ضخمة موجزة في طيها دسائس مطمورة، وتمويه على الحقائق التاريخية، يتلقاها الدهماء بالقبول ولا يرى عن الصفح عنها مندوحة قال في ص 35: من المسلم به أن الوليد هذا عين سنة 25 هجرية وهي السنة الأولى من حكم عثمان، وقد أجمع الناقدون والمؤرخون على أنه لم يقع منه خلال ست السنوات الأولى ما يسوغ توجيه النقد إليه، إذ كانوا يرون رائده تحري المصلحة العامة، وإسناد المناصب إلى الجديرين بها لا فرق بين قريب وبعيد. ا ه.
دعوى الإجماع والاتفاق والاصفاق المكذوبة سيرة مطردة عند القوم جيلا بعد جيل سلفا وخلفا، وكتب الفقه والكلام والحديث والتاريخ مشحونة بهذه السيرة الممقوتة ومن أمعن النظر في كتاب المحلى لابن حزم، وكتابه الفصل في الملل والنحل، ومنهاج السنة لابن تيمية، والبداية والنهاية لابن كثير، يجد مئاة من الإجماعات المدعاة المشمرجة، والأستاذ اقتفى إثر أولئك الأمناء على ودائع العلم والدين وحذا حذوهم، كأنه لم يك يحسب أن يأتي عليه يوم يناقشه قلم التنقيب الحساب، أو أنه غير مكترث