أولى منه كما قال مولانا أمير المؤمنين (1) وسربلك إياه أيها الخليفة عبد الرحمن بن عوف وفي لسانه قوله لعلي: بايع وإلا ضربت عنقك، ولم يكن مع أحد يومئذ سيف غيره، فخرج علي مغضبا فلحقه أصحاب الشورى قائلين: بايع وإلا جاهدناك (2). فأي من هذه السرابيل منسوج بيد الحق حتى يصح عزوه إليه سبحانه؟ ولهذا البحث ذيول ضافية حولها أبحاث مترامية الأطراف، حول خلافة الخلفاء من بني أمية وغيرهم يشبه بعضها بعضا، ولعلك في غنى عن التبسط في ذلك والاسترسال حول توثبهم على عرش الإمامة.
نعم: الخلافة التي يصح فيها أن يقال: إنها سربال من الله سبحانه، هي التي قيض صاحبها المولى جلت قدرته، وبلغ عنه نبيه الأمين صلى الله عليه وآله وسلم، هي التي أخبر به النبي الأعظم به أول يومه فقال: إن الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء (3) فهي إمرة إلهية لا تتم إلا بالنص وليس لصاحبها أن ينزعها، هي التي قرنت بولاية الله ورسوله في قوله تعالى: إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا (4) وهي التي أكمل الله بها الدين وأتم بها النعمة (5) وشتان بينها وبين رجال الانتخاب وإن كان دستوريا؟.
وأما ما ارتآه المتجمهرون وعبثت به الميول والشهوات، فهي سلطة عادية يفوز بها المتغلبون، وبيد الأمة حلها وعقدها، والغاية منها عند من يحذو حذو الخليفة في جملة من الصولات كلائة الثغور، واقتصاص القاتل، وقطع المتلصص، إلى آخر ما مر تفصيله في الجزء السابع صفحة 131 - 151 ط 2 وليس في عهدة المتسلق على عرشه تبليغ الأحكام، وترويض النفوس، وتهذيب الأخلاق، وتعليم الملكات الفاضلة، وتربية الملأ في عالم النشو والارتقاء، فإن تلكم الغايات في تلكم السلطات تحصل بمن هو خلو عن ذلك كله كما شوهد فيمن فاز بها عن غير نص إلهي.