بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد: فإن أهل المدينة قد كفروا وأخلفوا الطاعة ونكثوا البيعة، فابعث إلي من قبلك من مقاتلة أهل الشام على كل صعب وذلول.
فلما جاء معاوية الكتاب تربص به وكره إظهار مخالفة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد علم اجتماعهم، فلما أبطأ أمره على عثمان كتب إلى يزيد بن أسد بن كرز وإلى أهل الشام يستنفرهم ويعظم حقه عليهم، ويذكر الخلفاء وما أمر الله عز وجل به من طاعتهم ومناصحتهم ووعدهم أن يجندهم جند أو بطانة دون الناس، وذكرهم بلاءه عندهم وصنيعه إليهم، فإن كان عندكم غياث فالعجل العجل فإن القوم معاجلي.
فلما قرئ كتابه عليهم قام يزيد بن أسد بن كرز البجلي ثم القسري فحمد الله و أثنى عليه، ثم ذكر عثمان فعظم حقه، وحضهم على نصره، وأمرهم بالمسير إليه، فتابعه ناس كثيرو وساروا معه حتى إذا كان بوادي القرى (1) بلغهم قتل عثمان رضي الله عنه فرجعوا.
وأخرج البلاذري من طريق الشعبي قال: كتب عثمان إلى معاوية: أن أمدني، فأمده بأربعة آلاف مع يزيد بن أسد بن كريز البجلي، فتلقاه الناس بمقتل عثمان فرجع من الطريق وقال: لو دخلت المدينة وعثمان حي ما تركت بها محتلما إلا قتلته، لأن الخاذل والقاتل سواء.
كتابه إلى أهل الشام قال ابن قتيبة: وكتب إلى أهل الشام عامة وإلى معاوية وأهل دمشق خاصة:
أما بعد: فإني في قوم طال فيهم مقامي، واستعجلوا القدر في، وقد خيروني بين أن يحملوني على شارف من الإبل الدحيل، وبين أن أنزع لهم رداء الله الذي كساني، وبين أن اقيدهم ممن قتلت، ومن كان على السلطان يخطئ ويصيب، فيا غوثاه يا غوثاه، ولا أمير عليكم دوني، فالعجل العجل يا معاوية! وأدرك ثم أدرك وما أراك تدرك.