وعددته لذلك منافقا، وأوصى أن لا تصلي عليه أنت، وكان يقول لعلي أمير المؤمنين خذ سيفك وآخذ سيفي إنه قد خالف ما أعطاني، وكان يحث الناس عليك ويقول:
عاجلوه قبل أن يتمادى في ملكه، وحلف أن لا يكلمك أبدا، وقد دخلت عليه عائدا في مرضه فتحول إلى الحائط ولم يكلمك (1) وهاجرك إلى آخر نفس لفظه. وتبعه على خلافك الباقون من أهل الشورى.
وكلنا نحسب أن نصب الخليفة لا يجب على الله سبحانه إن كنا مقتفين أثر الشيخين وإنما هو مفوض إلى الأمة تختار عليها من شاءت، وإن حدنا في ذلك من قول الله تعالى: وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة (2) وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم (3) وعن نصوص النبي الأعظم وقد مر شطر منها في غضون أجزاء كتابنا هذا.
فهل ترى أيها الخليفة أنه كان يجب على الله سبحانه أن يمضي خيرة الأمة؟
أكان في رأي الجليل إعواز في تقييض الإمام بنفسه حتى ينتظر في ذلك مشتبك آراء الأمة أو مرتبك أهوائهم فيمضي ما ارتأوه؟ وبهذه المناسبة تنسب ذلك السربال إليه، لا أضنك أيها الخليفة يسعك أن تقرر ما استفهمناه، غير أن آخر دعواك بعد العجز عن الجواب: لا أنزع قميصا ألبسنيه الله.
وعلى كل لقد أوقفنا موقف الحيرة في أمر هذا السريال ومن حاكه والنول الذي حيك عليه، فقد وجدنا أول الخلفاء تسربله بانتخاب غير دستوري بانتخاب جر الويلات على الأمة حتى اليوم، بانتخاب سود صحيفة التاريخ وشوه سمعة السلف، وقد تقمصه ابن أبي قحافة وهو يعلم أن في الأمة من محله من الخلافة محل القطب من الرحى، ينحدر عنه السيل ولا يرقى إليه الطير، كما قاله مولانا أمير المؤمنين ثم مضى الأول لسبيله فأدلى بها إلى ابن الخطاب بعده، فيا عجبا يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته (4) فتقمصه الثاني بالنص ممن قبله وهو يعلم أن في الأمة من هو